أجاز البرلمان السوداني أمس، تعديلاً دستورياً يستحدث منصب رئيس وزراء يعينه رئيس الجمهورية، الذي كان أُلغي حين تولاه زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي ضمن ائتلاف منبثق عن انتخابات العام 1986. وجاء في التعديل الذي نال إجماع 387 نائباً حضروا الجلسة من أصل 425 نائباً في البرلمان. وتلت رئيسة لجنة التشريع بالبرلمان بدرية سليمان التعديل الذي جاء فيه: «يعيّن رئيس الجمهورية رئيساً للوزراء ويكون مسؤولاً عن السلطة التنفيذية في البلاد ومسؤولاً أمام رئيس الجمهورية». وتأتي التعديلات الدستورية بتوصية من حوار دعا له الرئيس عمر البشير لحل أزمات السودان الاقتصادية والسياسية ووقف الحرب في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. لكن التعديل لم يمنح رئيس الوزراء حق تعيين حكومته وانما أبقاه في يد البشير. ونصّ على أن «يشكل رئيس الجمهورية حكومة وفاق وطني تتولى السلطة التنفيذية القومية حتى موعد الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في العام 2020». ويُحكَم السودان الآن بدستور انتقالي صيغ في العام 2005 عقب توقيع اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. إلى ذلك، جدد البشير العفو عن حملة السلاح من المتمردين شرط ترك أسلحتهم ودخول البلاد من دونها، بينما أكد أن حكومته رفضت شروطاً لإعفاء الديون. وقال: «لم نأكل سحتاً من البنك الدولي». واتهم البشير المعارضة بتشويه صورة البلاد في الخارج. ووجّه البشير انتقادات عنيفة لكل من الحزب الشيوعي وحزب البعث، متهماً معارضي الخارج بتشويه صورة السودان بالحديث عن قمع الحريات، موضحاً أنّ هذه الأحزاب تمارس عملها في الداخل علناً. إلى ذلك، أكدت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) أمس، أنها ستواصل عملها في تعزيز ودعم مبادرات المصالحة والسلام في إقليم دارفور، مضيفةً: «لا يوجد حل عسكري للصراع في دارفور. وستستمر البعثة بشكل دؤوب في تنفيذ تفويضها وستظل ملتزمة بقضية السلام والاستقرار والأمن في دارفور». وأوضح رئيس البعثة مارتن أوهومويبهي أن نشوب اشتباكات بين مجموعات مختلفة في مواقع عدة في أنحاء دارفور، وتجدد الصراع في منطقة جبل مرة، أديا إلى سقوط ضحايا وعمليات نزوح واسعة. وقال: «لم يكن العام 2016 سهلاً بالنسبة لأهل دارفور ولا لموظفي يوناميد، حيث فقدنا زميلاً لنا من جنوب أفريقيا نتيجة عمل عدائي في حين توفي آخرون نتيجة حوادث مؤسفة». من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي اعتماد 170 مليون يورو ضمن حزمة مساعدات لدول السودان وكينيا وإثيوبيا والصومال لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتهجير القسري في مناطق العبور الحدودية لهذه البلدان. وقال تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان «اوتشا» إن الأموال المخصصة للسودان تشمل مساعدات للمواطنين لمعالجة الاستقرار والتهجير القسري وتحسين الوصول إلى التعليم ل90 ألف طفل. وأضاف التقرير أن «الصندوق الأوروبي يعتزم تدريب ألفي معلم بكلفة 22 مليون يورو وتعزيز التغذية ل400 ألف من النساء والأطفال في شرق وشمال السودان». ويُعد السودان نقطة عبور للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية والمصرية، ونشرت الحكومة السودانية قوات على حدودها مع ليبيا لمكافحة هذه الظاهرة. في المقابل، اتهم مسؤول حكومي سوداني، الاتحاد الأوروبي بالسعي إلى تحويل السودان إلى «سجن كبير للمهاجرين». وقال إن الأوروبيين يركزون على الجوانب الأمنية في سعيهم إلى وقف موجات المهاجرين التي تزحف إلى بلدانهم عبر السودان، فيما لا يعطون أهمية للنشاطات «التنموية والتوعوية». في سياق متصل، طالب رئيس حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي، دول الاتحاد الأوروبي بدعم نضال السودانيين السلمي لإقامة نظام ديموقراطي وتحقيق السلام، باعتباره خطوة أساسية لقيام البلاد بمهام الحد من الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا ومكافحة الإرهاب. ووصف المهدي النظام الحالي في الخرطوم ب «نظام البطش والقهر»، مؤكداً أنه «عامل مساهم في تشجيع الهجرة غير الشرعية والإرهاب». وجاءت تصريحات المهدي في كلمة وجهها إلى المركز الأوروبي - السوداني لدراسة السلام في القرن الأفريقي، دعا خلالها أوروبا إلى الوقوف بصلابة للدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها أمل الشعوب في الحد من الإفلات عن المحاسبة. وقال المهدي إن النظام الحاكم في السودان وكثيراً من جيرانه يحكمون شعوبهم بالقهر، موضحاً أن «الديكتاتورية هناك (السودان) غارقة في العجز المالي لأنها تصرف في يوم واحد ما يساوي دخلها في شهر، في مهمة قهر الشعب وممارسة الظلم». وشدد على أن استمرار الديكتاتورية يعني استمراراً للأزمة، بينما أشاد في المقابل بالعصيان المدني المنظم قبل أيام. وأشار إلى أنه لاقى استجابة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.