في جلسة نيابية هي الأقصر في تاريخ البرلمان لمناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة، نالت حكومة «استعادة الثقة» برئاسة سعد الحريري ثقة 87 نائباً فيما حجبها 4 نواب وامتنع خامس عن التصويت من الذين حضروا الجلسة من أصل 126 نائباً. (للمزيد) وتميزت جلسة منح الثقة بتناغم واضح بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، الذي رد على مداخلات النواب في مناقشتهم البيان الوزاري بكلمة ارتجالية غابت عنها المطولات المعهودة لرؤساء الحكومات في جلسات الثقة السابقة، وكأنه أراد أن يوجه رسالة من خلال النواب إلى الرأي العام، وفيها أنه آن الأوان للعمل، الذي سيبدأ في جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء المقبل هي الأولى بعد الثقة. ولقيت كلمة الحريري في رده على مداخلات النواب ترحيباً، ليس لأنها جاءت مختصرة واستغرقت أقل من ثلث ساعة، وإنما لأنها حملت أكثر من جديد، ما اعتبره النواب بمثابة ملحق للبيان الوزاري، خصوصاً في ما يتعلق بإصراره على إلغاء العمل «بوثائق الاتصال» التي لا تستند إلى استنابة قضائية ولم يلتزم بها بعض الأجهزة الأمنية، على رغم أن الحكومة السابقة برئاسة تمام سلام كانت اتخذت قراراً بهذا الخصوص. ولم يكن في وسعه سوى الرد على ما أثاره رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل والنائب بطرس حرب حول موضوع سلاح «حزب الله»، وقال: «إن هذا السلاح متروك للاستراتيجية الدفاعية وعلينا أن نجلس ونتحاور فيه». ولفت الحريري إلى أن موضوع السلاح لا يزال يشكل مادة خلافية، وقال إن الحكومة كانت واضحة في بيانها في هذا الموضوع، وكأنه أراد أن يذكر حرب و «الكتائب» بأن النص الخاص بالسلاح كان أدرج في بيان حكومة الرئيس سلام وكان حرب والكتائب أعضاء فيها. وتوقف الحريري أمام محاربة الفساد، وركز على أن محاربته تبدأ بالاستغناء عن الورقة والقلم في إنجاز المعاملات، لمصلحة العمل من أجل مكننة الدولة وبتوفير الحماية للجسم القضائي لا سيما للقضاة الذين ينظرون في ملفات تتعلق بالفساد ويتعرضون لحملات التشهير والاتهام بلا أدلة، لكن لا يمكنهم بحكم وظائفهم الرد على هذه الاتهامات. ودعا أيضاً إلى وقف حملات التشكيك، وكأنه يطلب منح الحكومة فرصة للعمل لتحقيق ما وعدت به من أولويات في بيانها الوزاري، ورأى أن القوى السياسية وصلت إلى مكان اكتشفت فيه أن البلد لا يتقدم ما لم يكن هناك توافق وقررنا أن نسير سوياً لمصلحة الناس. وشدد على ضرورة إصدار المراسيم التطبيقية الخاصة بقطاع النفط والتي لا تزال عالقة في مجلس الوزراء، ومن ثم إطلاق دورة التراخيص، وأيضاً إقرار الصندوق السيادي للبدء بتلزيم استخراج النفط والغاز من المنطقة الاقتصادية الخاصة. انسحب التوافق السياسي على جلسة مناقشة البيان الوزاري التي استغرقت ساعات بعدما اقتصرت على يوم واحد واختتمت أمس بنيل الحكومة الثقة، فهل ينسحب على مجلس الوزراء في إقراره مشروع موازنة العام 2017 وللمرة الأولى منذ أكثر من 11 عاماً؟ لا سيما أن إقرارها يعيد للدولة انتظامها المالي من جهة، ويمكّنها من أن تستعيد ثقة المؤسسات المالية العالمية التي تأخذ على لبنان التلكؤ في إنجازه موازنته السنوية مع أنه يمر في ظروف طبيعية لا تبرر مثل هذا التقصير.