بعد زهاء عام على انتخابه رئيساً ل "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (فيفا) وسط فضيحة هزت أركان المؤسسة، قام جاني انفانتينو الذي رفع شعار التغيير، بالشروع في اصلاحات لا تزال غير مقنعة. وصل السويسري انفانتينو الى الرئاسة في شباط (فبراير) 2016، وخلف مواطنه جوزيف بلاتر الذي اوقفته لجنة الاخلاق التابعة للاتحاد في كانون الاول (ديسمبر) 2015 عن مزاولة أي نشاط مرتبط بكرة القدم، في قضية اطاحت ايضاً بمن كان خليفته المرجح، الفرنسي ميشال بلاتيني الذي كان يرأس في حينه الاتحاد الاوروبي لكرة القدم. ركز انفانتينو في برنامجه على اصلاحات اكد في حملته الانتخابية ضرورة الا "يتم الاتفاق عليها فقط، بل تطبيقها ايضاً"، والبدء بتنفيذها من اليوم الاول، بما يشمل كل الجوانب المرتبطة بالاتحاد وكرة القدم. وأقرت في عهد انفانتينو سلسلة خطوات، مثل تحديد عدد ولايات الرئيس، وتوسعة اللجنة التنفيذية التي باتت تعرف باسم "مجلس الفيفا"، إلا أن الشفافية التي وعد بتطبيقها على صعيد رواتب مسؤولي الاتحاد، لا تزال تقتصر عليه حتى الآن (1,4 مليون يورو سنوياً). وقال انفانتينو لوكالة "فرانس برس" أخيراً أن "ثمة المزيد من العمل للقيام به بطبيعة الحال، لكني سعيد جداً وواثق بالمستقبل". ومن اجل ضمان مستقبل "الفيفا" بعد عام صعب، أخرج اينفانتينو من جعبته اصلاحاً غير متوقع: رفع عدد المنتخبات في نهائيات كأس العالم من 32 الى 48، موزعة على ثلاث مجموعات تضم كل منها 16 منتخباً، في خطوة يأمل اعتمادها في مونديال 2026. وفي حين لا يزال الاجماع حول هذه الفكرة بعيد المنال، إلا أنها ستطرح للنقاش في اجتماع مجلس "الفيفا" في كانون الثاني (يناير). ويقول قطب الترويج الاعلاني الرياضي باتريك نالي إن "الاصلاحات الوحيدة التي تم تطبيقها هي تلك التي لا تمس بجوهر تركيبة السلطة" في الاتحاد، معتبراً أن الاخير الذي يمثل قوة مالية وإعلانية ضخمة "ما زال أشبه بمملكة صغيرة بدلاً من مؤسسة منظمة مفتوحة وشفافة". ووفق مسؤول سابق في "الفيفا"، يرغب الاتحاد "في طي صفحة الماضي"، وقام لذلك بابعاد عدد من مسؤولي العهد الموسوم بالفساد. فاضافة الى بلاتر الذي ترأس الاتحاد منذ 1998، والامين العام جيروم فالكه، حزم الامين العام بالوكالة والمدير المالي الالماني ماركوس كاتنر حقائبه. وفتح "الفيفا" تحقيقاً بحق الثلاثي ووجه اليهم اتهامات بتقاسم مبلغ مقداره 75 مليون يورو "من خلال زيادة اجورهم السنوية كمكافآت مرتبطة بكأس العالم وامتيازات اخرى". وواصل الرئيس الجديد عملية التطهير من خلال اقالة مدير التسويق تييري فيل ومدير القسم الطبي ييري نوفاك الذي قال في اعقاب ابعاده "لم اكن اعتزم ترك الفيفا بهذا الطريقة المفاجئة". وشملت لائحة المبعدين مسؤولين في قسم التطوير والعلاقات مع الاتحادات الوطنية، اضافة الى المسؤول عن الامن رالف موتشكه، وصولاً الى ستيفان يوست، مدير متحف "الفيفا" الحديث العهد. وتعود فكرة انشاء المتحف الى بلاتر، وكبد خزينة الفيفا 130 مليون يورو، وافتتحه انفانتينو بعد ايام من انتخابه. إلا أن مصدراً في الاتحاد اكد أن المتحف في طريقه الى الاقفال. يبرر الفيفا ابعاد المسؤولين السابقين، بأنه يدخل في اطار عملية "اعادة هيكلة". إلا أن ذلك لم يبعد الشبهات عن عهد الرئيس الجديد. فبحسب مطلعين على ملفات الاتحاد، ابلغ مسؤولان في "الفيفا" لجنة الاخلاق بانتهاكات اقدم عليها انفانتينو، لاسيما من خلال استخدام الطائرات الخاصة. وشكلت هذه المعطيات اساساً لتحقيق لم يستكمل. كما فاجأت بعض تعيينات الرئيس الجديد، المعنيين بكرة القدم. فعلى سبيل المثال، اختار لمنصب الامين العام السنغالية فاطمة سامورا القادمة من الاممالمتحدة ولا تحظى بأي خبرة في كرة القدم. وبدا نقص خبرة سامورا واضحاً من خلال ارتكابها خطأ فادحاً خلال زيارتها سييراليون أخيراً، اذ نصحت هذه الدولة الافريقية بالتقدم بطلب استضافة كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة، من دون أن تتنبه الى أن "الفيفا" سبق له منح الاوروغواي حق تنظيم هذه البطولة. ويقول احد المطلعين على خفايا الاتحاد، إن انفانتينو، "من خلال تسمية سامورا، ولان الاصلاحات تعتزم تقوية دور الامين العام (...) اراد الحفاظ على اكبر قدر ممكن من نفوذه". كما اثار تعيين السلوفيني توماز فيسل على رأس لجنة التدقيق علامات استفهام، لكونه يحمل الجنسية نفسها للرئيس الجديد للاتحاد الاوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفيرين. في ظل كل هذا، لم يتمكن انفانتينو بعد من تغيير الصورة السلبية التي طبعت الفيفا خلال الفترة الماضية. ويقول نالي "كان من المجدي ضخ دماء جديدة في صلب الادارة"، إلا أن انفانتينو اختار تعيين "مساعدين موالين له في مناصب مهمة". ويشير إلى أنه على الرغم من محاولة رئيس الفيفا "تقديم صورة امام الرأي العام عن تغييرات جدية"، إلا أن "الشفافية لا تبدو اكبر مما كانت عليه".