كعادتها في كل عام، لم تنعم مكةالمكرمة بقسط وافر من الراحة والتقاط الأنفاس عقب انتهاء موسم العمرة في شهر رمضان الماضي، إذ تشهد أم القرى حالياً حراكاً من النوع نفسه، يتعلق بموسم الحج الذي يعد أكبر مواسمها الدينية، والذي يبدأ في السابع من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وينتهِي مع مغادرة آخر حاج للأراضي المقدسة. وعلى رغم حال الهدوء النسبي التي تبدو للعيان، إلا أن هناك دلالات كبيرة تشير إلى استعدادات وتنسيق قائم يرقى ويليق بحجم المناسبة. بدوره، أكد رئيس لجنة الفنادق والسياحة في غرفة التجارة والصناعة في مكةالمكرمة وليد صالح أبوسبعة استكمال القطاع الفندقي فى العاصمة المقدسة جميع الاستعدادات والتجهيزات لاستقبال ضيوف الرحمن، وأن نحو 500 منشأة فندقية أنهت جميع إجراءاتها النظامية وتوقيع العقود مع رؤساء البعثات الرسمية وممثلي الشركات السياحية، «ومن المرجح أن تتجاوز طاقتها الاستيعابية 60 ألف حاج»، مشيراً إلى أن القطاع الفندقي الذي تشرف عليه الهيئة العامة للسياحة والآثار يسهم بحوالى 35 في المئة من إجمالي عرض خدمات إسكان الحجاج الذي تسيطر عليه مباني الأهالي من خلال تصاريح خاصة تصدرها لجنة الكشف على مساكن الحجاج التابعة لأمانة العاصمة المقدسة. وأشار أبوسبعة إلى أن موسم العمرة الذي انتهي مع نهاية شهر رمضان تحقق له النجاح والتوفيق على رغم توافد ملايين المعتمرين الذين تمكنوا من أداء مناسك العمرة بكل يسر وسهولة، «وهي إشارة مطمئنة لحجاج بيت الله الحرام لهذا الموسم». وشدد على أن مكةالمكرمة لا تهدأ كثيراً بعد انتهاء موسم رمضان إذ تبدأ بعده بفترة وجيزة وتحديداً خلال شهر شوال استعداداتها لموسم الحج «وهي فترة نعتبرها استراحة محارب يعود بعدها الركض في خدمة ضيوف الرحمن». وقال أبوسبعة: «إن مستوى المنشآت الفندقية تطور في مكة بشكل ملاحظ مقارنة بالأعوام السابقة، وبدأ الزائر يشاهد تزايد أعداد المباني الفندقية الشاهقة والفاخرة، كما بدأ انتشار عدد من المنشآت الفندقية الحديثة في مناطق بعيدة من المنطقة المركزية خصوصاً في الأحياء الراقية (مثل العزيزية والخالدية وشارع الستين)، إذ نالت مكةالمكرمة فى الفترة الأخيرة نصيباً وافراً من التسهيلات والحوافز أسهمت في دفع مسيرة التنمية العمرانية فيها واتساع رقعتها أفقياً ورأسياً، وصاحب ذلك تنظيم ورقي فى الخدمات الفندقية ذاتها وأصبحت تضاهي كبرى الشركات العالمية من خلال تطبق المعايير العالمية فى مجال الفندقة من حيث مساحات الغرف التى أصبحت ذات تجهيزات حديثة تتضمن الحمامات والمكيفات، فضلاً عن ميزات إضافية في الغرف (كالتلفون، والمنبه، والتلفزيون، والإنترنت، والوجبات الخفيفة والمشروبات وإمكان إعداد المشروبات الساخنة). ويمكن الانتهاء إلى أن قطاع الإيواء السياحي لضيوف الرحمن فى تطور مستمر ويشهد كل عام إضافات كبيرة من أجل أن يؤدي الحجاج مناسكهم في أقصى درجات الراحة والاستقرار» . وفي مكة، لم تقف المخابز بعيداً من هذه الاستعدادات ولم تلتقط أنفاسها هي الأخرى إلا قليلاً عقب انتهاء موسم العمرة في رمضان، إذ أكملت جاهزيتها ووضعت لمساتها الأخيرة لتوفير الخبز بمختلف أنواعه للحجاج وضيوف الرحمن. يقول أحد المستثمرين في هذا القطاع سامي كعكي: «إن مكةالمكرمة لا تنام إطلاقاً، وتبدأ الاستعدادات لموسم الحج باكراً وتحديداً من منتصف شهر شوال، إذ تسعى المخابز إلى توفير الدقيق من الصوامع على مدى 45 يوماً بكميات تبلغ نحو 45 ألف كيس يزن الواحد نحو 45 كيلو غراماً، إضافة إلى ستة خزانات من الدقيق السائب سعة الخزان الواحد حوالى 20 طناً خلال شهر الحج نظراً إلى وجود ضيوف الرحمن في الديار المقدسة لأداء مناسك الحج وهو أمر يحتاج إلى جهد وتنسيق مسبق فضلاً عن أنه يعكس حال اطمئنان خصوصاً بعد دعم القيادة المتمثل في فتح استيراد القمح بحجم 300 ألف طن». وأوضح كعكي أن الاستعدادات تشمل أيضاً توفير الخميرة ومحسنات الطعم وقطع غيار مكائن إنتاج الخبز، وبيّن أن مخابزه بها أربعة خطوط إنتاج بطاقة إنتاجية تبلغ مليون رغيف يومياً خلال أيام الموسم خصوصاً أنها تغطي نحو 30 فى المئة من حاجة ضيوف الرحمن في مكةالمكرمة إلى الخبز. وأشار إلى أن مخزون مكةالمكرمة من الدقيق خلال فترة الحج يتجاوز نصف مليون كيس تحسباً لسد أي عجز قد يطرأ على حاجات الحجاج من الخبز مما يجعل هذه المخابر ترفع جاهزيتها في وقت سابق لتغطية هذه الحاجات، متوقعاً أن يصل عدد الأرغفة التي سيتم إنتاجها خلال أيام المشاعر المقدسة من المخابز في العاصمة المقدسة إضافة إلى ما سيصل من محافظات أخرى مثل جدة والطائف وينبع إلى أكثر من 70 مليون رغيف خلال وجود الحجاج في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لموسم حج هذا العام بمعدل توزيع 2.5 مليون رغيف يومياً ابتدأً من 20 ذي القعدة حتى 20 ذي الحجة مع مضاعفة حجم التوزيع خلال الأيام الستة الخاصة بوجود الحجيج في المشاعر المقدسة التي من المتوقع أن يصل فيها إلى سبعة ملايين رغيف يومياً. وتوقع الكعكي أن يتم توزيع خمسة ملايين رغيف يوم التروية في منى ومليوني رغيف في مكةالمكرمة وتوزيع ثلاثة ملايين رغيف في يوم عرفة وكذلك توزيع خمسة ملايين رغيف في منى لكل يوم من أيام التشريق ومليوني رغيف في مكةالمكرمة.