حزب الشاي، أو الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، يكاد يكون مضحكاً بسياسته ومرشحيه، لولا أن القضية هي الانتخابات في أقوى بلد في العالم وكنت اعتقدت في البداية ان تطرف هذا الجناح يجعله موضع ترحيب المحافظين الجدد الذين خطفوا السياسة الأميركية في إدارة جورج بوش الابن، إلا أنني وجدت بعد ذلك ان حزب الشاي يهدد أهم مبادئ عصابة إسرائيل. المحافظون الجدد دعاة حرب دائمة لفرض هيمنة أميركية على العالم، سواء اعترف بعضهم بذلك أو أنكر بعض آخر. أما حزب الشاي فيريد تقليص الحكومة الفيديرالية وخفض الإنفاق العسكري. بل إن رون بول، أحد أبطال حزب الشاي، يريد اعادة النظر في السياسة الخارجية كلها، إضافة الى لجم الإنفاق العسكري. هذا الإنفاق بلغ في الموازنة الأخيرة 720 بليون دولار، وأُصرّ على ان الرقم الحقيقي يقترب من تريليون دولار، لأن إنفاقاً عسكرياً كثيراً يوضع ضمن اعتمادات أخرى. ولكن حتى إذا أخذنا الرقم المعلن يظل الإنفاق العسكري الأميركي وحده نصف الإنفاق العالمي، في حين أن إنفاق الصين 6.6 في المئة وفرنسا 4.2 في المئة وبريطانيا 3.8 في المئة وروسيا 3.5 في المئة. مع ذلك فأركان عصابة الشر والحرب يدعون الى مزيد من الإنفاق العسكري في عالم خطر، ويصرون على ان هذا الإنفاق ليس سبب الأزمة المالية، بل يحمّلون باراك أوباما المسؤولية عما أورثه جورج بوش بمساعدتهم (عندي نصوص كثيرة إلا ان المجال يضيق عنها). لا أعرف إذا كان مرشحو حزب الشاي سيغيرون كثيراً في سياسة الحزب الجمهوري، ولا أجزم بأنهم سيفوزون في الثاني من الشهر المقبل عندما ينتخب الأميركيون جميع أعضاء مجلس النواب (435 مقعداً)، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (هذه المرة 37 مقعداً من اصل مئة). ما أجزم به هو ان عصابة الحرب والشر أوسع نفوذاً على المدى الطويل وأكثر التزاماً وقدرة من امثال بيلين نفسها وكريستين اودونيل وشارون إنغل وجو ميلر وجان بروير وكارل بالادينو وميشيل باكمان. اودونيل كانت مفاجأة الانتخابات التمهيدية، وكان حظها في الفوز معدوماً حتى أيدتها سارة بيلين، فهزمت مرشح قيادة الحزب الجمهوري مايك كاسل، ما جعل رئيس الحزب في ولاية ديلاوير يقول انها لا تصلح لمنصب القبض على كلاب ضالة، وأنها «كاذبة واهمة». وبما ان فوزها سلّط عليها الأضواء، فقد علمنا انها ترفض نظرية النشوء والارتقاء، وتقول ان الشركات الطبية الأميركية زاوجت بين البشر والحيوان، وطلعت بفئران لها عقل بشري. ويبدو انها تعاني من مشاكل مالية دائمة حتى ان جامعتها رفعت عليها قضية تطالبها فيها بدفع أربعة آلاف دولار من الأقساط المدرسية بعد 20 سنة من تخرجها. شارون إنغل ليست أعقل كثيراً، فخلال حملة الانتخابات التمهيدية اتهمها منافسها بأنها تنتمي الى مذهب «ساينتولوجي» الذي يتبعه كثير من نجوم هوليوود. وهي تريد إلغاء وزارة التعليم، وانسحاب الولاياتالمتحدة من الأممالمتحدة لأنها «معقل للإيديولوجية الليبرالية»، وتعارض الإجهاض وأحادية الجنس (الشذوذ) ولكنها تؤيد حمل السلاح، وموقعها الإلكتروني يقول انها مؤهلة لحمل سلاح خفي. جو ميلر هزم في الانتخابات التمهيدية في ألاسكا السناتور ليزا ميركوفسكي بعد ان أيدته بيلين ضد امرأة تمثل الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، وفي موقف قوي للفوز مرة ثانية. وسياسته حزب الشاي بامتياز، من إلغاء وزارة التعليم الى خفض المساعدات الخارجية. جان بروير تشغل منصب حاكم أريزونا، وهي تؤمن بالله وبحمل السلاح، وتعارض الهجرة حتى انها زعمت اكتشاف جثث في صحراء ولايتها، إلا ان تحقيقاً تلفزيونياً أظهر اكتشاف جثة واحدة على مدى السنتين الماضيتين. كارل بالادينو كان مفاجأة ولاية نيويورك في الترشيح لمنصب حاكم الولاية بعد ان هزم ريك لازيو، وهو نائب سابق من أعمدة الحزب. وخاض بالادينو حملته وهو يجر أمامه كلباً شرساً، وكان شعاره انه «غاضب حتى الجنون ولن يتحمل أكثر من ذلك»، مستعيراً عبارة من فيلم، وهو يريد ثورة شعبية يعتقد بأن حزب الشاي قادر عليها، وقد اتهم بوجود ابن غير شرعي له. ميشيل باكمان المرشحة لمجلس الشيوخ عن منيسوتا تجمع كل السياسات السابقة لمرشحي حزب الشاي وتزيد عليها الانتماء الى كنيسة تبشيرية بروتستانتية تقول ان البابا هو «المسيح الدجال»، وباكمان تنكر ذلك. أعتقد أن المرشحين في الانتخابات الأميركية موجودون ليبدو المرشحون في انتخابات مصر ولبنان عقلاء أذكياء. [email protected]