هبوط حاد للعملات المشفرة.. «بيتكوين» تتراجع 6.5%    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    تعليم مكة تحكِّم 16 ورقة عمل تعليمية لبرنامج " جسور التواصل "    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    طاقم تحكيم سعودي يقود لقاء العين والريان في كأس الأبطال للنخبة    28 فبراير آخر يوم للاستفادة من مبادرة الإعفاء من الغرامات والمخالفات    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    اتفاق بين جوبا والخرطوم على مراقبة الحدود    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    لمسة وفاء.. الدكتور محمد بن عبدالله آل دخيش القحطاني    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    الهدنة ومصير الحرب على طاولة نتنياهو وترمب الثلاثاء    الجامعة الإسلامية تُطلق فعاليات "أسبوع البحث العلمي السادس"    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    الرئيس السوري يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه أمير المنطقة    أبو الغيط يأمين الجامعة العربية دعو العلماء العرب لوضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع المصالح العربية    الموارد البشرية: تعديل المدة المسموحة لرفع ملفات حماية الأجور في منصة "مدد" إلى 30 يومًا ابتداءً من 1 مارس 2025    اليابان تطلق صاروخًا يحمل قمرًا صناعيًا لتحديد المواقع الجغرافية    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحيي الفيصلية والربوة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    الأهلي يعير «ماكسيمان» لنابولي الإيطالي    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    ضمن نزالات UFC في «موسم الرياض».. «إيماموف» يحسم مواجهته مع «أديسانيا» بالضربة القاضية    رصاص الاحتلال يقتل المسنين وعشرات يقتحمون الأقصى    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    العلاقات بين الذل والكرامة    توقيع مذكرة تفاهم «الجسر السعودي-الألماني للهيدروجين الأخضر» بين «أكواباور» و«سيفي»    تعزيز استقلالية المملكة في الأنظمة والصناعات العسكرية    مواقف تاريخية للسعودية لإعادة سورية لمحيطها العربي    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    محمد عبده.. تغريدة الفن....!    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    أمير تبوك يواسي أسرتي الطويان والصالح    الأسرة في القرآن    تفسير الأحلام والمبشرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين وأميركا:منافسة أم شراكة؟
نشر في الحياة يوم 23 - 05 - 2009

في كانون الثاني (يناير) من هذا العام احتفلت الصين ومجموعة من الشخصيات الأميركية من بينهم جيمي كارتر وهنري كيسينجر وزيغنيو بريچنسكي وبرنت سكوكروفت بمرور ثلاثين عاماً على إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة بين البلدين. والمعروف أن مسيرة العلاقات الأميركية الصينية بدأت مع بداية إدارة نيكسون ومستشاره للأمن القومي كيسينجر والزيارة التاريخية التي قام بها نيكسون للصين عام 1972 وحيث بدا نيكسون مصمماً على ألا يضيع فرصة لتحسين العلاقات مع الصين. معتبراً أن هذا عمل حيوي من زاوية المدى البعيد لسياسته، وقد شجع نيكسون على هذا الاتجاه أنه مع هذا الوقت كان قد أصبح واضحاً أن العداء الأميركي للصين الذي ساد منذ عام 1953 لم يكن لديه ما يبرره أو أنه كان مفيداً للأهداف الأميركية العريضة بل أنه لم يكن طبيعياً. فبغض النظر عن خلافاتهم حول تايوان فلم يكن هناك مسائل حياة أو موت بينهم أو أي مشكلات تتضمن صدامات في المصالح المادية، وكان العداء الأميركي للصين الشيوعية نتاج غير مباشر لسياسة الاحتواء الأميركية والعالمية وليست نتيجة مباشرة لصدام أساسي في مصالحهم الوطنية. بالإضافة إلى هذه الاعتبارات التاريخية كانت ثمة عملية أخرى تتعلق ببدء إدراك الولايات المتحدة ان مقدرتها على منع الصين من أن تأخذ مكانها في الأمم المتحدة آخذة في الضعف وأن سياسة سلبية تماما تجاه الصين إنما تواجه الهزيمة، كما أنه بالإضافة إلى النزاع السوفياتي - الصيني أصبح واضحاً أنه لم يعد من الممكن تلافيه كما بدا أنه من الحماقة الاستمرار في سياسة العداء المستحكم تجاه بلد كان تعداده وقتئذ 800 مليون نسمة وله مثل هذه الامكانيات الاقتصادية والعسكرية.
ومنذ أن استكملت إدارة كارتر إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع بكين تدور في الولايات المتحدة الأميركية على المستوى الفكري والسياسي جدلاً ونقاشاً حول ما إذا كانت الصين سوف تبرز كقوة أعظم وتلعب دوراً مشابها للدور الذي لعبه الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة أم أنها ستتبع نموذج اليابان في الاكتفاء بمكان العملاق الاقتصادي.
في الإجابة عن هذا السؤال الرئيسي ظهرت مدرستان في التفكير الأميركي تتجادلان وتختلفان حول أسلوب التعامل مع الصين: هل تواصل الولايات المتحدة دعم الانفتاح معها وبناء «مشاركة» حول القضايا المختلفة، أم تتبع سياسة الاحتواء «containment» شبيهة بتلك التي اتبعتها مع الاتحاد السوفياتي عندما برز كقوة منافسة بعد الحرب الثانية؟
في هذا الجدل الواسع اعتمدت المدرسة التي دعت إلى الحذر من الصين والعمل على احتوائها على تنبوئها بصعود الصين كقوة «محاربة» مما سيؤدي حتما إلى عدم الاستقرار في آسيا وبصورة تتحدى المصالح الحيوية الأميركية، كما توقعت هذه المدرسة أن الصين القوية ستسعى إلى تحقيق قائمة طويلة من الطموحات الإقليمية، الأمر الذي يلزم أن تواجهه الولايات المتحدة بحسم ودعم حلفائها على الحدود وزيادة انتشار القوة الأميركية في آسيا.
أما المدرسة الثانية التي تبنت الدعوة إلى الارتباط والتعاون مع الصين ومواصلة الانفتاح عليها، فهي تبدأ من مقدمة أن الولايات المتحدة لا تواجه اليوم علاقة أكثر تحدياً بأكثر مما تواجه مع الصين، وأنه مع مطلع قرن جديد فإن علاقاتها مع الصين ستحدد مدى وجودها في آسيا، أسرع مناطق العالم نمواً، وهو ما يبرر أن تكون الولايات المتحدة قادرة على أن ترتبط بشكل خلاق مع أكثر دول العالم سكاناً. كما تنطلق هذه المدرسة من افتراض أن الصين وأن كانت تنمو بشكل قوي، إلا أن نياتها في حالة سيولة بحيث إن استباق افتراض علاقة خصومة وعداء مع الصين سيحقق نبوءة لم تتحقق بعد. من هنا تدعو هذه المدرسة إلى توسيع نطاق العلاقات الاقتصادية والحوارات الرسمية حول قضايا الأمن وحقوق الإنسان والقضايا العالمية المشتركة.
ونتصور أن القادة الصينيين إزاء هذا الجدل يسعون إلى دعم وجهة نظر المدرسة الثانية حيث يؤكدون «الصعود السلمي» والسعي إلى «عالم متجانس» بل وينبهون إلى أن بلادهم ما زالت تواجهها مشكلات وتحديات داخلية بما يعني أن الصين تحتاج إلى بيئة اقليمية ودولية وتعاوناً دولياً يساعدها على مواجهة هذه التحديات.
وواضح أن مجيء إدارة أوباما وسياستها التي تعتمد على الحوار تتجه إلى بناء علاقات مستقرة بين البلدين، ففي أول زيارة لها كوزيرة للخارجية زارت هيلاري كلينتون ضمن عدد من الدول الآسيوية الصين، وقبل توجهها إلى بكين قالت إن الإدارة الأميركية لن تتاح للقضايا الخلافية مع الصين مثل حقوق الإنسان والتيبت وتايوان أن تتداخل مع القضايا الأوسع مثل التغير المناخي والأزمة المالية والتهديدات الأمنية وأن علينا ان نجري حواراً يقود إلى تفاهم وتعاون حول كل من هذه القضايا.
وعشية قمة العشرين قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الصيني هو جينتاو إقامة حوار استراتيجي واقتصادي بين بلديهما واتفقا على العمل معاً لبناء علاقات إيجابية وشاملة للقرن الحادي والعشرين، وقال البيان الذي صدر عن الاجتماع إن الجانبين اتفقا على مواصلة الاتصالات الوثيقة بينهما والتعاون والعمل معاً لتسوية الأزمات والتخفيف من أجواء التوتر التي تساهم في نشر الاضطرابات وعدم الاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية، ومن بينها إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية والملف النووي الايراني، والقضايا الإنسانية في السودان، والوضع في جنوب آسيا، وشدد أوباما وجينتاو على أن استمرار التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والصين يمثل مسألة حاسمة في هذا الوقت للحفاظ على صحة الاقتصاد العالمي وأقرا بأن بلديهما وانطلاقا من موقعهما كأكبر اقتصادين في العالم يحتاجان إلى العمل معاً، وإلى جانب الدول الأخرى لضمان عمل النظام المالي والنمو الثابت للاقتصاد العالمي، كما تضمن البيان الدعوة التي وجهها الرئيس الصيني جينتاو إلى نظيره أوباما لزيارة الصين في النصف الثاني من السنة الحالية والتي قبلها أوباما.
غير أنه مع مؤشرات هذا التقارب فإنه لا ينفي احتمال خلافات بين القوتين فثمة قلق صيني من أن تتعرض الصين لضغوط من إدارة أوباما حول قضايا مالية، والتجارة، وحقوق الإنسان والبيئة والتغيير المناخي، وإن كان هذا من وجهة نظر صينية لن يوقف تحرك العلاقات الأميركية-الصينية إلى الأمام خطوة خطوة.
• المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.