أقر رئيس الوساطة الأفريقية ثابو مبيكي بوجود عقبات تواجه عملية تحقيق السلام في السودان، وشدد على ضرورة ألا تستثني العملية أياً من الفرقاء السياسيين، وشدد على ضرورة الوصول إلى تسوية بين الفرقاء تجنّب البلاد مواجهة خيارات العنف. وأنهى مبيكي زيارة للخرطوم أجرى خلالها مشاورات مع الرئيس عمر البشير ومساعديه وقيادات في المعارضة ومجموعة المبادرات النسائية وشخصيات وطنية اقترحت افكاراً لتجاوز الأزمة السودانية. وعُلم أن مبيكي أقر بوجود عقبات تواجه عملية تحقيق السلام في السودان لتمسّك متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» وحركات دارفور والحكومة بمواقفهم المعلنة وإصرار حركات دارفور على إعادة فتح اتفاق الدوحة لسلام دارفور، ورفض الحكومة فتح هذا الاتفاق على أساس ثنائي. وتحدث الوسيط الأفريقي عن الأرتباط بين الملف الإنساني ووقف النار وبين العملية السياسية عبر طاولة الحوار الوطني، ما أدى الى تعقيد القضية لجهة أن الحكومة ترى أن الحوار قد اكتمل وتعمل الآن على تطبيق توصياته. وحض الأطراف السودانية على إحراز تقدم في عملية السلام من خلال تجاوز الصعوبات التي تواجه خريطة الطريق الأفريقية التي وقّعها الفرقاء. وفي الشأن ذاته، كشفت مصادر في الوساطة الأفريقية عن تفاهمات جرت مع الحكومة السودانية في شأن توصيل المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، واعتبرها تقدماً في ملف المساعدات الإنسانية الذي أدى الى تعليق جولة المفاوضات الأخيرة بين الحكومة ومتمردي «الحركة الشعبية - الشمال» في آب (أغسطس) الماضي حيث طالبت الحركة بنقل 20 في المئة من الإغاثة من خارج البلاد، غير أن الخرطوم رفضت ذلك. وقالت المصادر ذاتها إن مبيكي سيجري مشاورات مع المتمردين قريباً للتقريب بين أطراف النزاع قبل تحديد موعد لجولة محادثات جديدة في أديس أبابا لتوقيع اتفاق لوقف العدائيات وآخر للمساعدات الإنسانية، ما يفتح الباب أمام تسوية سياسية. إلى ذلك، دعت «مجموعة الأزمات الدولية» السودان وجنوب السودان إلى العمل على تطبيق اتفاقات التعاون بينهما. وشككت المجموعة في جدية جوبا في طرد المجموعات المتمردة السودانية من أراضيها. وتناول تقرير للمجموعة صدر حديثاً نشاط الحركات المتمردة ضد السودان من داخل أراضي دولة الجنوب بخاصة حزب «الحركة الشعبية» الذي باتت «علاقاته بجوبا موضوعاً مهماً في العلاقات بين الخرطوموجوبا». ولفت التقرير إلى أن «الخرطوم ظلّت تتهم جوبا بدعم المجموعات المتمردة والسماح لها بالعمل على أراضيها»، وفي المقابل تتهم حكومة جنوب السودان جارتها الشمالية بدعم المعارضة المسلحة بزعامة رياك مشار. وقال التقرير إنه «بعد إندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان، تحالف متمردو دارفور مع جوبا للقتال ضد المعارضة في بعض العمليات»، وأن ذلك «حقق لمتمردي دارفور بعض الدعم من جوبا». كما لفت التقرير إلى تعهد نائب الرئيس في جنوب السودان تعبان دينق بطرد المتمردين السودانيين من جنوب السودان عقب تعيينه، غير أن التقرير قال إن «الخرطوم تريد من جوبا طرد متمردي «الحركة الشعبية» ودارفور أو الحد من نشاطهم على أراضيها». وأشار التقرير إلى ضغوط يمارسها كل من الرئيسين التشادي إدريس دبي والأوغندي يوري موسفيني على متمردي دارفور للالتحاق بعملية السلام، لكن المتمردين «غير راغبين في التخلي عن عملية الوساطة الأفريقية». من جهة أخرى، أعربت جوبا عن ارتياحها إزاء رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار تقدَّمت به الولاياتالمتحدة لفرض حظر سلاح وعقوبات أخرى على جنوب السودان، على رغم تحذيرات من مسؤولي الأممالمتحدة من عمليات إبادة محتملة في البلاد. وقال مسؤول رئاسي في جوبا ل «الحياة» إن رفض مشروع القرار الأميركي يشجع عملية السلام في جنوب السودان ويوجه «رسالة صحيحة» للمتمردين أن «الطريق الوحيد هو السلام وليس الحرب». ولم ينل مشروع القرار سوى تأييد سبع من دول المجلس ال 15. وامتنع عن التصويت كلٌّ من روسيا والصين واليابان وماليزيا وفنزويلا، بالإضافة إلى ثلاث دول أفريقية هي أنغولا ومصر والسنغال. ويُفترض أن ينال مشروع القرار تأييد تسعة أصوات من دون استخدام حق النقض (الفيتو) لكي يُعتمد في المجلس. وقالت الولاياتالمتحدة، بدعم من بريطانيا وفرنسا، إنه يجب وقف تدفق السلاح في شكل عاجل بعد تحذيرات أممية من حصول فظاعات جماعية، واعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سامنتا باور أن القرار كان يجب ألا يكون موضع خلاف. وأضافت باور إن «حكم التاريخ سيكون قاسياً على قرارهم»، معتبرة أن الذين امتنعوا عن دعم الإجراء لم يقدّموا أي بديل لمحاولة وقف إراقة الدماء. وتضمّن مشروع القرار فرض حظر للسفر وتجميد لأرصدة قائد جيش جنوب السودان بول مالونغ، وزعيم المعارضة رياك مشار، إضافة إلى وزير الإعلام مايكل ماكوي. وفي شأن آخر، طمأن رئيس هيئة أركان الجيش في جنوب السودان، الجنرال فول ملونق أوان، من العاصمة الكينية نيروبي، قواته بأن حالته الصحية في تحسن، وذلك على خلفية معلومات رائجة وسط المواطنين وقوات الجيش بمدينة جوبا عن تراجع حالته الصحية إلى درجة خطيرة. وقال أوان في خطاب بُث على التلفزيون الرسمي إن حالته الصحية ليست سيئة للغاية، وطالب الجيش والمواطنين بعدم الإلتفات إلى «الإشاعات»، مضيفاً أن عليهم أن يسمعوا من لسانه أن صحته في تحسن. وتابع: «أنا أتكلم الآن ... ليس ممكناً أن أكون مت وأتكلم!». وكان الجنرال فول ملونق أوان نُقل إلى مستشفى في نيروبي للعلاج على خلفية تدهور حالته الصحية وفقدانه الوعي الأسبوع الماضي.