عرفت الأحساء منذ القدم بأنها أكبر سوق لكثير من الحرف والصناعات، كإنتاج البشوت ومنتجات التمور والمنتجات الجلدية والنحاسية، ما جعلها وجهة للمتسوقين والتجار من داخل المملكة ودول الخليج. واشتهر كثير من العوائل في الأحساء بإتقان مهن حرفية بعينها، وارتبط اسمها بها حتى يومنا هذا، بعد أن توارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم، وهنا يقول عبدالله الشبعان (أحد الحرفيين) الذي ظل يمارس مهنة جده وأبيه اللذين أتقنا مهنة البناء والزخرفة الأحسائية أكثر من قرن من الزمن: «بدأت في ممارسة أعمال الزخرفة الجصية منذ صغري، وذلك بتنفيذ أقواس وأعمدة لمبان عدة في الأحساء». وأشار إلى أن من أهم الأعمال التي قام بها تنفيذ الأعمال الحرفية في مبنى مطار الهفوف القديم، الذي يقع حالياً داخل حرم جامعة الملك فيصل بالهفوف، كما قام جده ووالده وأبناء عمه معتوق وحسن الشبعان وجاسم وعلي الشبعان بتكملة بناء قصر السراج (الإمارة القديمة)، فضلاً عن تنفيذ أعمال الزخرفة لبوابة القصر الرئيسة، والزخرفة الداخلية والخارجية، وذلك بمتابعة وإشراف المفوض من إمارة الأحساء. ولفت الشبعان إلى أن الزخرفة الأحسائية بدأت في الاختفاء في الوقت الحاضر، نظراً إلى إدخال بعض العمالة الأجنبية حرفة الزخارف الجبسية المشهورة في بلدانهم، لعدم معرفتهم بفن الزخرفة الأحسائية، منوهاً بأن والده وجده ابتكرا عدداً من النقوش الخشبية والزخرفة الجصية التي تم ادخالها في الفن المعماري بالأحساء. فيما أكد أنه على استعداد تام لتدريب الشباب على فن الزخرفة الجصية والحفر على الخشب، إذ درب أخيراً ثلاث فتيات على حرفة فن النحت على الخشب، مطالباً في الوقت نفسه الجهات المختصة بإصدار قرارات صارمة للحفاظ على المناطق التاريخية في الأحساء، التي طاولتها يد الهدم أو التخريب لأسباب عدة، وهو ما يعتبر فقداً للإرث والتراث العمراني في شكل عام، وللعمارة الأحسائية بشكل خاص. ونوه بأن عائلته اهتمت بهذه المهنة وحافظت على جزء كبير من هذه الحرفة المرتبطة بالتراث، معدداً إسهاماتها التي تتمثل بقيام والده بترميم بيت البيعة (بيت الملا) وأعمال الزخرفة، كما قام والده وأبناء عمه ببناء المدرسة الأولى (الأميرية)، فضلاً عن بناء وزخرفة منازل الأمراء والتجار في حي الكوت، وكذلك بناء منزل سعد القصيبي في النعاثل، وكذا مقر المالية بالأحساء وعمارة القصيبي، وتجديد دروازة الكوت، إلى جانب بناء سوق القيصرية بالأحساء. فيما تم ابتعاث جده ووالده من إمارة الأحساء، للإسهام في بناء وزخرفة قصر للملك عبدالعزيز. وتعتبر الأحساء من المناطق التي تمتلك أجمل الحضارات القديمة، لاحتضانها عدداً من المواقع الأثرية، مثل مسجد جواثا، وهو ثاني مسجد صليت فيه الجمعة في الاسلام، كما استوطنها عدد من الحضارات العربية القديمة، مثل الجرهائيون، وطسم، وجديس، وبنو عبدالقيس، وبكر بن وائل، فضلاً عن أنها تعد أكبر واحة مزروعة بالنخيل في المملكة.