تعد العمارة أصدق تعبير وأبرز مثال لعراقة الشعوب وثقافتها، وتجلت العمارة الإسلامية بالفنون التجريدية، التي برزت فيها النقوش بأشكالها الثلاثة، سواء الموزاييك أم الأرابيسك أم فنون الخط العربي، هذه الفنون الثلاثة طغت على الكثير من المباني الدينية مثل المساجد وغيرها، إذ برزت فيها أيادٍ فنية عالية المهارة، اشتهرت فيها بعض الدول الإسلامية شرقاً وغرباً. واشتهرت السعودية كغيرها من الدول الإسلامية بفنون العمارة، ومن أهم المدن التي كانت حاضرة في هذا المجال محافظة الأحساء، التي تجلت فيها العمارة المحلية بأبهى صورها الجميلة عبر المباني التقليدية التي وشكت على الاندثار، إذ انبرى مجموعة من المهتمين لرصد عناصر تلك العمارة المحلية وتحديد أبرز معالم المفردات الزخرفية. وتوصل أحد أبرز المهتمين في هذا المجال حسين الجمعان، والذي قضى سنين من البحث والمقارنة والتوثيق ليقارن بين مفردات العمارة المحلية الأحسائية إلى إعادة إنتاج هذه الزخارف عبر فن الموزاييك، بتأليف القطع الصغيرة لتشكّل عناصر وأشكالاً معينة اشتهرت بها الأحساء، كالعناصر النباتية مثل: عناصر النخلة من نواة التمر، إضافة إلى الورد المحمدي الذي تشتهر به الأحساء، أسوة بالحضارات الأخرى التي تفخر بالوردة المحلية. وأوضح الجمعان أنه استخلص العناصر النباتية التي أدخلها إلى الفن المعماري، ليثري تجربته المعمارية الجديدة لفن الزخرفة من القصور القديمة التي اشتهرت بها الأحساء، مثل قصر السراج بالهفوف، ومطار الهفوف القديم، وبعض مباني حي الكوت القديم بالهفوف. يذكر أن الجمعان نجح في إعادة إنتاج فن الزخرفة على الجص والخشب ووظّفه ليستخدمه على السيراميك، ليكون منتجاً خاصاً بالأحساء وهوية جديدة، تتلاءم مع تراثها وطبيعتها. من جانبه، قال مسؤول ملف الأحساء المبدعة في «يونيسكو» المهندس أحمد المطر أثناء تقديمه للفنان التشكيلي والمصمم التراثي المبدع حسين الجمعان في سبتية إضاءات، التي يشرف عليها عضو المجلس البلدي السابق بالأحساء علي السلطان، وخصص لقاءاتها للإثراء المعرفي بالحرف اليدوية، دعماً منه لملف الأحساء المبدعة، إذ كانت المحاضرة بعنوان: «الأحساء بثوب جديد»، استعرض الجمعان خلالها تجارب الحضارات السابقة كالإغريقية والرومانية وغيرها، في الارتقاء بالفنون المختلفة، وخصوصاً الفنون المعمارية. وبيّن أن الجمعان شارك في صنع أكبر سفرة، وأكبر قبعة في العالم، وعمل أكبر قفص رطب، وهو يجيد فن تشكيل المجسمات على الفلين، وصناعة الفخار، وليتم عرض عدد من تجارب الفنانين المعماريين الأحسائيين، وطرق تميزهم في حرفتهم وإنتاجهم لأعمال فذة، خاتماً عرضه التقديمي بتجربته الخاصة، التي أساسها الزخرفة التراثية الأحسائية، والنهج الجديد في تناوله للزخرفة وابتكار أشكال جديدة، كالورد المحمدي الذي تكثر زراعته في الأحساء.