تعهدت الحكومة التونسية بملاحقة الجهات التي اغتالت المهندس التونسي محمد الزواري في محافظة صفاقسجنوب البلاد، الذي قالت حركة حماس أنه أحد كوادرها، وسط دعوات من الأحزاب والمنظمات التونسية للتحقيق الجدي في ملابسات عملية الاغتيال التي وُجهت أصابع الاتهام فيها إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد). وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء يوسف الشاهد مساء أول من أمس، أن الحكومة «تتابع تقدم التحقيقات والأبحاث الخاصة بجريمة الاغتيال» حيث كشفت التحقيقات الأولية عن تورط عناصر أجنبية فيها. وراسلت السلطات القضائية التونسية جهاز الشرطة الدولية (إنتربول) للتعاون من أجل القبض على عنصرين أجنبيين (بلجيكي وسويسري) مشتبه بارتكابهما عملية الاغتيال. وقُتل المهندس التونسي محمد الزواري (49 سنة) الخميس الماضي، داخل سيارته أمام منزله في صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية، وأعلنت النيابة العامة توقيف 8 مشبهوين بالضلوع في الجريمة، بينما تواصلت التحريات للبحث عن شخصين آخرين ضالعين في الجريمة. وأكدت الحكومة التزامها حماية مواطنيها وأنها ستلاحق الجناة الضالعين في عملية الاغتيال على الأراضي التونسية وخارجها بكل الوسائل القانونية وطبقاً للمواثيق الدولية، مشيرةً إلى أن «وزارة الداخلية ستتولى إطلاع الرأي العام على كل مجريات الحادثة في الوقت المناسب، حفاظاً على سرية التحقيق وضمان نجاعة أوفر للأبحاث الجارية» وفق البيان. وذكرت النيابة العامة في صفاقس أمس، أنه «تم إرسال صورة مواطن بلجيكي من أصل مغربي يُشتبه بضلوعه في اغتيال الزواري إلى الأنتربول للقبض عليه» وفق ما صرح الناطق باسم النيابة العامة في صفاقس مراد التركي. ويُنتظر أن يتظاهر مئات التونسيين اليوم في العاصمة التونسية والمحافظات احتجاجاً على عملية الاغتيال وعلى ما اعتبروه «انتهاكاً للسيادة التونسية من الكيان الصهيوني»، وذلك استجابةً لدعوات جمعيات المحامين والمهندسين وأحزاب. في المقابل، بثت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مساء أول من أمس، تقريراً مصوراً أعده موفدها إلى صفاقس موآف فاردي في بيت الزواري أجرى خلالها، ليس قبل أن يخفي هويته الإسرائيلية، مقابلات مع أفراد أسرته وجيرانه وشهود على الاغتيال. وبحماسة غير خافية، قدمت مذيعة النشرة الإخبارية تقرير المراسل بالقول: «هذا توثيق خاص لعملية نوعية ومهنية تمت في تونس، لتصفية مهندس الطائرات من دون طيار في حركة حماس محمد الزواري، على بعد آلاف الكيلومترات من إسرائيل، تقول حماس ووسائل إعلام دولية إن الموساد يقف وراءها». والتقى هذا الكلام مع العنوان «الاحتفالي» في جريدة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في اليوم ذاته، من كلمة واحدة: «تصفية» وفي وسطها صورة الزواري تحت المهداف. واستذكرت تصريحاً لرئيس الموساد يوسي كوهين قال فيه: «وظيفتنا أن نمس بكل من يحاول الانتقاص من قدراتنا. وعندما تقتضي الضرورة، يجب ضرب أعدائنا». وتباهى موفد القناة العاشرة في تقريره بأنه يقف «ليس بعيداً من منزل القيادي الفلسطيني الراحل خليل الوزير (أبو جهاد) الذي اغتاله الموساد قبل 27 سنة، ثم أظهر الثقوب التي تركها الرصاص في جدار منزل الزواري وبقع الدم واصفاً العملية بأنها «قمة في المهنية». وقابل بعض الجيران ثم دخل البيت خافياً جنسيته الإسرائيلية ليستقي معلومات عن الزواري وتصفيته من أرملته وأسرته، الذين أكدوا جميعاً أن «العملية متقنة للغاية»، مضيفاً أن الزواري «كان تحت المراقبة خلال الأيام الأربعة بعد عودته إلى منزله من خارج تونس وحتى يوم تصفيته». وكان المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» القريب من المصادر العسكرية الإسرائيلية أليكس فيشمان أوضح أن من اغتال الزواري «تعمّد ترك بصماته، على نحو يخدم عامل الردع الإسرائيلي في الحرب اليومية على الإرهاب»، مضيفاً أن هذه الحرب لا تقتصر على امتداد حدود إسرائيل، إنما أيضاً على بعد آلاف الكيلومترات من هنا». وأثار ظهور الصحافي الإسرائيلي في رسائل من الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية (أمام مبنى وزارة الداخلية) ومن أمام منزل الزواري، استنكار الإعلاميين ونقابة الصحافيين التونسيين التي دعت إلى «فتح تحقيق عاجل مع الأطراف التي قد تكون ساعدت الفريق الصحافي الإسرائيلي على دخول تونس».