في البدء كانت ساعة رملية، تقيس الوقت ب»هطول» الرمل الدقيق، في الوعاء المخصور، من قدح إلى قدح عبر ممر ضيق. ومذاك والدقيقة ستون ثانية والساعة ستون دقيقة واليوم أربعة وعشرون ساعة، تنقسم بين ليل ونهار. يبدأ يوم كل شخص في ساعة معينة من أي منهما، وتتفصل مراحله وفقاً للوقت الذي تحدده ساعته، تلك الزجاجة التي تغلّف مساحة مدورة، مربعة، مستطيلة أو خارجة عن المألوف إرضاء لأذواق مختلفة. ومهمة الزجاجة حماية ثلاثة عقارب تدور مشيرة إلى هدر الزمن. وتلتصق الساعة بالمعصم بواسطة سوار جلدي أو معدني. وساعة اليد كانت ساعة جيب منذ زمن، وهذه لا تزال تصنّع وسلاسلها الفاخرة، في بعض أشهر مصانع الساعات العريقة، كشاهد تاريخي على الفخامة والأناقة. في القرن السادس عشر، بدأت صناعة الساعات السويسرية في جنيف، وكانت شركة «فاشيرون كونستانتين» من رواد هذه الصناعة. وللاسم تاريخ عريق من الساعات مقوّلب ضمن «تحف صغيرة» مختلفة، تشكّل مجموعات تلبي أذواق الأفراد في العالم، إلى جانب القطع العتيقة القيّمة. دهاليز الوقت الذهبية تأخذنا في رحلة تاريخية، فتحول دوران العقارب إلى حركة لا تنفصل عن دوران الأرض في فلك السماء. وتُعتبر الساعة من السلع النادرة التي يصعب الاستغناء عنها، بل هي من الضروريات في حياة الناس على اختلاف أعمارهم ومراكزهم الاجتماعية والطبقية. وهو ما يبرّر لجوء مختلف دور الأزياء العالمية على إصدار ساعات تحمل اسماءها. وإذا سلّمنا جدلاً أن الساعة من الاكسسوارات، فحتماً هي من الأكسسوارات الرئيسة في يد الرجل والمرأة. وتطوّرت آلية فاشرون الميكانيكية، وكانت رائدة حركة «الدوامة»، Tourbillion، في عالم الساعات الرجالية، بينما ظلت تراعي ذوق المرأة. الكلام عن «فاشيرون كونستانين» ينطبع في إطار تاريخي يمتد من عراقة الساعة التي بلغت هذا العام 255 سنة من العمر. والتقدم في عمر الساعة السويسرية يزيد على عاتق إدارتها الشغوفة أعباء ومسؤوليات، للحفاظ على إنتاج فاخر، رفيع المستوى وخالٍ من الشوائب. هناك في مصانع «فاشيرون كونستانين» الكبيرة تشعر بأهمية اليد العاملة وقيمتها في كل قطعة ونابض وعجلة مسننة وترصيع... وملكتها في جمع الكل في حركة ميكانيكية متوازنة صامتة. وتُخصّ كل علبة من علب الساعات برقم متسلسل محفور عليها يدوياً يضاً، إضافة الى علامة الصنع وعيارات المعادن الثمينة المستخدمة داخل الساعة وخارجها. وتزاوج «فاشيرون كونستانين» معصم اليد بواسطة سوار من الجلد مع ابزيم من الذهب أو البلاتين، أو سوار معدني مصنوع يدوياً من الذهب أو البلاتين، بحسب الطلب. الجولة في مصانع «فاشيرون كونستانين» تهدف إلى إظهار مدى أهمية كل قطعة توضع في الساعة وأهمية الحفاظ على جودتها ونوعيتها، من القطع الكبيرة الواضحة للعيان إلى أصغر برغي وأدق عجلة مسننة، وهي تركّب يدوياً، فهذا ليس عمل للآلات والماكينات. الدقة في العمل تزاوج بين خبرة الشيوخ في صناعة الساعات وحماسة مريديهم الشباب، وتخرج إلى الأسواق الآلاف من ساعات «فاشيرون كونستانين» سنوياً، تباع كلها. الثقافة والموسيقى من سمات الترويج ل»فاشيرون كونستانين»، فعلى رغم أنها تعتبر واحدة من أشهر ساعات رجال الاعمال في العالم، وجد القيمون على الشركة أن عراقة الساعة وتاريخها لا بد أن يرتبط بما يتناسب ورفعة اسمها، بعيداً عن التسويق المستهلك. ومن هنا ترعى الشركة أهم الحفلات الموسيقية الراقية في العالم، وتعمل على الانتشار في العالم عبر نشاطات مماثلة، فضلاً عن الخطط التسويقية المعتادة. السوق الاسيوية هي السوق الاكثر إقبالاً على ساعات «فاشيرون كونستانين». إلاّ أن تزايد الطلب وبالتالي الانتاج، لا يحصلان على حساب جودة الساعة التي باتت تراعي مختلف الاعمار والأذواق بموديلاتها المتنوعة. ولا تزال تبيع كل ما تنتجه في السنة، علماً أن أسعارها تبدأ ب 10 آلاف يورو وتصل إلى 5 ملايين يورو. وفريق «فاشيرون كونستانين» الفني يظل جاهزاً ليلبي الطلب في العدد والجودة، ويصنع ساعة فريدة لكل ذوق وهوى... وموازنة.