امتنع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن توقيع مشروع أقرّه الكونغرس، يمدّد لعشر سنوات عقوبات مفروضة على طهران منذ العام 1996، لكنه أتاح تحوّله قانوناً، إذ لم يستخدم حق النقض (فيتو) لعرقلته، علماً أن إيران اعتبرته انتهاكاً للاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست. الموقف المحايد الذي سجّله أوباما، يشكّل خطوة رمزية، يُبدي من خلالها تحفّظه عن قرار الكونغرس، محاولاً تبديد قلق طهران من احتمال تراجع واشنطن عن الاتفاق. لكن مراقبين في العاصمة الأميركية، اعتبروا أن تمرير العقوبات يمنح الرئيس المنتخب دونالد ترامب أدوات جديدة للضغط على إيران، مرجّحين أن تتخذ الأمور مساراً تصعيدياً بين واشنطنوطهران بعد تسلّم ترامب مهماته في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل. وشكّك رئيس معهد «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» كليفورد ماي، في قدرة الرئيس المنتخب على رفع العقوبات المفروضة على إيران، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الاتفاق النووي، مرجّحاً انهياره. أما الخبيرة في معهد «بروكينغز» سوزان مالوني، فرأت أن الأدوات الاقتصادية في الاتفاق قد تمنح ترامب وسيلة للضغط على طهران. وبعدما كان تعهد توقيع مشروع القانون الذي نال موافقة غالبية ساحقة من الأعضاء الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس، امتنع أوباما عن ذلك قبل انتهاء المهلة المحددة، منتصف ليل الأربعاء – الخميس، فجُدِّد القانون تلقائياً لعشر سنوات. وورَدَ في بيان أصدره البيت الأبيض: «أوضحت الإدارة أن تمديد قانون العقوبات على إيران ينسجم تماماً مع التزاماتنا في الاتفاق النووي، مع أنه ليس ضرورياً. وتماشياً مع هذا الموقف، بات تمديد قانون العقوبات على إيران قانوناً من دون توقيع الرئيس». وأكد البيت الأبيض أن القانون لن يؤثّر في تطبيق الاتفاق، وإنْ أعرب عن قلقٍ من احتمال تقويضه. وشدّد على امتلاكه أدوات أخرى لمعاقبة طهران إذا أخلّت بواجباتها، لافتاً إلى أنه سيواصل تجميد كل العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أن مواصلة تطبيق الاتفاق ما زالت «هدفاً استراتيجياً ضخماً» للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الإدارة «استخدمت، وتواصل استخدام، كل السلطات اللازمة لرفع العقوبات ذات الصلة، وتعزيز تلك غير المتعلقة بالاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات عند الضرورة، في حال فشل إيران في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق». واستدرك أن «تمديد العقوبات لا يؤثر بأي شكل في مدى تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، بموجب الاتفاق، أو قدرة شركات على إنجاز أعمال تجارية في إيران، تنسجم مع الاتفاق». واعتبرت وسائل إعلام قريبة من الحكومة الإيرانية أن خطوة أوباما تصبّ في مصلحة الاتفاق ووعود الرئيس الأميركي المنتهية ولايته لطهران. لكن أوساطاً أصولية رأت أنه كان يستطيع استخدام حق النقض لرفض مشروع القانون، ولو صورياً. وأشار رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني، إلى أن لجنة مراقبة تطبيق الاتفاق النووي اتخذت تدابير مناسبة، وزاد: «إذا أراد (الأميركيون) وضع مطرقة في أيديهم لرفعها في وجهنا متى شاؤوا، نحن أيضاً نمسك بمطرقة مشابهة نستخدمها متى شئنا». وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أمر ب «التخطيط لتصميم محرّك يعمل بالدفع النووي، وصنعه لاستخدامه في النقل البحري»، ردّاً على تمديد العقوبات. وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن خيبةٍ لتمديد العقوبات الأميركية على إيران، محذرة من أن إسقاط الاتفاق النووي سيكون «ذنباً لا يُغتفر».