يقول أحد السعوديين إن دراسة ابنته لمرحلة الماجستير في بريطانيا علي حسابه الخاص، كلفته مليون ريال، تصور أنت أن تكون لديك ابنه - أو ابنتان وقد يزيد هذا العدد بحسب كل بيت - وترسلها للمدرسة والجامعة مثلها مثل أخيها ثم تكتشف أن ما سيحل بها هو ماحل ب 2000 محامية سعودية، وأن خصمها في قضيتها هذه المرة ليست بندة وليسوا فقهاء بيع الملابس الداخلية في المحلات التجارية، بل هي المحاكم الشرعية. ال 2000 محامية اللاتي يحملن شهادة في القانون، معظمهن تخرج من أفضل الجامعات، لم يعترف بهن بعد كمحاميات بل وكيلات شرعيات، والوكيلة الشرعية لا يجوز لها أن تترافع عن القدر الذي تشاؤه من القضايا بل ثلاث قضايا فقط، بينما يحق لزميلها المحامي الذي يحضر للمحكمة أن يقدم نفسه على أنه محامٍ وهي تقدم نفسها علي أنها وكيلة شرعية لأنها لم تنل بعد رخصة مزاولة المحاماة، على رغم أنهما يقومان بالمهمة بنفسها، وفي روايات أخرى قد يسألها القاضي حين تقدم المحامية نفسها بأنها وكيلة شرعية عن موكلها: «وين محرمتس يامره»! بعض الاقتراحات بدأت تناقش حل هذه المشكلة، بالطريقة نفسها التي نعتمدها في توظيف التقنية لصالح التخلف، هذه الاقتراحات هي إمكان إدخال الترافع الإلكتروني والذي هدفه في الأصل تسريع عمليه تبادل المذكرات واختصار الوقت في التراسل، لكنه لا يغني عن حضور المحامي والترافع المباشر إلا أن المحاكم على مايبدو تفكر بأن تجعله بديلاً عن ترافع المرأة المباشر بحسب مافهمت لتحل مشكلة حضور المرأة وكأنها تقول لها: « اقعدي في بيتك وترافعي من الشاشة الإلكترونية»، ولك أن تتخيل أي موكل سيقتنع بهذه المحامية وهو يتخيلها تترافع وهي في مطبخها تقشر البصل، وأي ثقة ستملأ الموكل وهو يضع مصيره في يد محامية لاتنظر لها المحكمة بعين الثقة والاحترام. نحتاج أن نفكر في كل مرة ترد فيه قضايا عن المرأة في سياق النقاش والجدل أن نطرح سؤالاً شائكاً هو: هل المرأة مواطن أصيل، أم أنها تكتسب مواطنتها بتبعيتها للمواطن الذكر؟ وهذا في الحقيقة هو ماتؤكدة معظم التعاملات معها في التنظيمات والتشريعات التي تخصها، فهي لاتكتسب الجنسية إلا عبر والد سعودي ،وليس والدة سعودية، ولا تعمل إلا عبر وسيط هو المحرم ، ولاتتعلم إلا بموافقة ولي أمر وحين تتساوى مع مواطنها الذكر في الشهادة والسن والخبرة فإنها لا تحمل اللقب ذاته، ولاتحصل على فرصة العمل ذاتها ولا على المرتب ذاته. وليس هناك مثال لتعقد قضية تمكين المواطنات من حقوقهن في سياق الدولة الحديثة، خير من مثال ال 2000 محامية اللاتي لم يستطعن كسب قضيتهن، بعد خمس سنوات ترافع أمام وزارة العدل، وإذا لم تكسب ال 2000 محامية قضيتهن، فمن الجدير بالترافع عن قضايا النساء؟ ربما هو المحامي الرجل، لكن ضمان نجاحه في الترافعات لا يعود هنا لبراعته وكفاءته بل لأنه رجل يحصل على معظم الضمانات المهنية قبل أن يولد فهو مولود على درجة المواطنة من الدرجة الأولي. [email protected]