يشكل أنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة وكر لصوص حيناً ووكر جواسيس حيناً آخر، وغالباً ما يكون اللصوص هم الجواسيس أنفسهم. نعرف أن أنصار دولة فاشستية تحتل وتقتل النساء والأطفال يسرقون دافعي الضرائب الأميركيين، حتى في أثناء أزمة مالية خانقة كالأزمة الحالية، ويرسلون الى اسرائيل بلايين الدولارات على شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية كل سنة، وأكثر منها على شكل تبرعات تهرّب من الضرائب الأميركية، لتمكينها من مواصلة سياسة مجرمة جعلت الولاياتالمتحدة أكثر بلد مكروه حول العالم بعد ان اعتبرناها دائماً رائدة في مجال الحريات وحقوق الإنسان ومساعدة الدول الفقيرة أو النامية. اليوم أكتفي بالجواسيس مع تردد حديث عن صفقة لإطلاق جوناثان بولارد مقابل تمديد وقف الاستيطان شهرين، فلا تتوقف محادثات السلام المباشرة وهي لم تكد تبدأ، ولن تنتهي بالسلام أصلاً. بولارد يهودي أميركي أصبح يحمل في السجن الجنسية الإسرائيلية بعد أن دين سنة 1987 وحكم عليه بالسجن المؤبد، في قضية ترددت فيها أسماء عملاء آخرين لإسرائيل وديبلوماسيين من سفارتها في واشنطن. هو سرق حقائب ملأى بأدق أسرار الولاياتالمتحدة وسلمها الى «ديبلوماسيين» في السفارة الإسرائيلية. وسلم الإسرائيليون الى السوفيات بعض أهم خطط الحرب الأميركية مقابل مال والسماح بهجرة اليهود السوفيات. واستطاعت الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) ان تكتشف من الوثائق أسماء عملاء للاستخبارات الأميركية جرت تصفيتهم. وفي أهمية ذلك ان «كي جي بي» عرفت مناطق الضعف في أعمال التجسس الأميركية، حيث يجهل الأميركيون حجم النشاط التجسسي السوفياتي. اسرائيل كافأت بولارد على تدميره أمن أميركا بقرار الكنيست منحه الجنسية الإسرائيلية واطلاق اسمه على ميدان في القدس أصبح اسمه «الحرية لجوناثان بولارد»، كما ان مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى نظم حملة بعنوان «الحرية لجوناثان بولارد»، ما يثبت الخيانة والولاء لإسرائيل وحدها. على رغم كل ما سبق يظل بولارد استثناء في سجل جواسيس اسرائيل في الولاياتالمتحدة، فقد حوكم وحكم عليه، في حين ان الجواسيس الآخرين نجوا على رغم ما أوقعوا من ضرر بالمصالح الأميركية. مفاعل ديمونا بناه الفرنسيون، غير أن وقوده من اليورانيوم المخصب جاء من الولاياتالمتحدة، وتحديداً من مصنع للصلب في بنسلفانيا اشتراه عضو في عصابة الهاغانا وزاد عليه فرعاً للمواد والأجهزة النووية. وتظهر وثائق لجنة الطاقة الذرية الأميركية في 1965 ان 220 رطلاً من اليورانيوم العالي التخصيب «اختفت»، وأن 587 رطلاً مثلها اختفت سنة 1968 بعد ان زار أربعة اسرائيليين المصنع. وهناك مئات الصفحات من تحقيقات مكتب التحقيق الفيديرالي (أف بي آي) عن الموضوع انتهت الى ادانة واحدة، لذلك أتمنى شخصياً أن تكون ايران تكذب وأنها في سبيل انتاج قنبلة نووية، مع ان لي ألف اعتراض على سياسة حكومة محمود أحمدي نجاد. محققو «أف بي آي» فشلوا أيضاً في انتزاع ادانة المذنبين الحقيقيين على رغم توافر أدلة بينها تسجيلات وصور في قضية تسليم لاري فرانكلن، المسؤول في مكتب ايران في وزارة الدفاع، الى ستيف روزن، مدير أبحاث السياسة الخارجية في «ايباك»، ومساعده كيث وايزمان، الخبير في شؤون ايران، وثائق سرية أميركية بعضها له علاقة بعملية السلام في الشرق الأوسط التي حاول الليكوديون المتطرفون في الإدارة الأميركية وحولها احباطها. والنتيجة ان فرانكلن حكم عليه بالسجن 12 سنة، في حين ان روزن ووايزمان طردا من ايباك كأن الطرد عقوبة كافية على جريمة يُعدم بسببها الخائن في بلدان أخرى، بل ان روزن عاد لاعباً في السياسة الأميركية الآن. جواسيس اسرائيل تضيق عنهم موسوعة لا كتاب أو مقالة في جريدة، ومايكل ليدين ارتبط اسمه بتزوير وثائق النيجر في روما، غير انه لم يحاكم حتى الآن، مع ان المحاكمة ستبرئه إذا كان لم يفعل شيئاً بدل أن تظل الشبهة تلاحقه. ليدين تعلم وعمل في ايطاليا، وهو خبير في الفاشستية وهناك من يتهمه بتأييدها، وادارة بوش قبلت وثائق مزورة عن محاولة نظام صدام حسين شراء يورانيوم من النيجر، وجاءت وكالة الطاقة الذرية الدولية لتقرر في أقل من يوم ان الوثائق مزورة، فعرفت ما لم يعرف 16 جهاز استخبارات أميركياً مجموع موازناتها يزيد على 70 بليون دولار. هو وكر جواسيس مليء بعصابة اسرائيل، وفي كل عملية ينجو فيها مجرم خائن من العقاب تشجيع على التجسس التالي. [email protected]