عززت بكين في غضون اسبوع نفوذها في اوروبا، على رغم الازمة، عندما هبت الى نجدة اليونان، وعندما وضعت معالم "طريق الحرير" الجديدة، باستثمارات في مجال النقل الحديدي والبحري لربط شرق المتوسط بآسيا. ولم تمنع التوترات مع الاوروبيين حول اسعار الصرف والجدل حول حقوق الانسان الذي رافق الجمعة الاعلان عن منح منشق صيني جائزة نوبل للسلام، رئيس الوزراء الصيني وين جياباو من ابرام اتفاقات تجارية في اليونان وايطاليا وتركيا، وخصوصا في مجال البنى التحتية المخصصة للنقل، وذلك خلال جولة يفترض ان تنتهي في عطلة نهاية هذا الاسبوع. وقد وقعت الصين الجمعة في انقرة اتفاقات للمشاركة في تحديث 4500 كلم من السكك الحديد. ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان شخصيا الى انشاء "طريق حرير جديدة" من خلال السكك الحديد بين الصين واوروبا عبر تركيا، على غرار طرق القوافل القديمة التي اتاحت حتى القرن السادس عشر نقل البضائع بين طرفي العالم. وفي ايطاليا، استثمرت الصين ايضا في بنى تحتية وفي شبكات، لكنها مرتبطة بالطاقة الشمسية والاتصالات. ودعا وين جياباو الشركات الايطالية الى مزيد من الاستثمار في بلاده. وفي البلدان الثلاثة، وعدت الصين بزيادة المبادلات التجارية بحلول العام 2015 من 40 الى 100 مليار دولار مع ايطاليا، ومن 17 الى 50 مليار دولار مع تركيا ومن اربعة الى ثمانية مليارات مع اليونان. وكان وين جياباو تعهد بشراء سندات الدولة اليونانية عندما يبدأ هذا البلد المثقل بالديون والمرهق باصدار سندات طويلة الامد، بعد استيعاب جزء من عجزها الهائل، الخطوة التي استأثرت باهتمام الصحافة الدولية. لكن اذا كان البعض قد اعتبر ان المبادرة تقارن ب "خطة مارشال لليونان"، عبر عدد كبير من وسائل الاعلام عن مخاوف من ان تصبح اليونان "اول مستعمرة صينية في اوروبا" (اذاعة هولندا الدولية) او "حصان طروادة بذيل تنين" لبقية انحاء القارة العجوز (آجيا تايمز). وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال وانغ ليكيانغ الباحث في دائرة اوروبا بأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، "طالما ابدت الصين اهتماما كبيرا بعلاقاتها مع الاتحاد الاوروبي. فاذا ساعدت اليونان في حدود امكانياتها، فحتى تدرأ عدوى ازمة الدين السيادي على مجمل منطقة اليورو". وقد عززت الصين حضورها في بيرايوس، اول ميناء يوناني قرب اثينا، حيث تتمتع شركة كوسكو الصينية العملاقة بامتياز مدته 35 عاما لتشغيل محطتين للشحن البحري. وتنوي بكين كما اعلنت ان تجعل منه ابرز مركز لنقل البضائع الصينية الى السوق الاوروبية. ومن 800 الف في 2010، يفترض ان يرتفع عدد الحاويات التي تنقلها شركة كوسكو الى 3,7 ملايين بحلول العام 2015، كما قال جياباو الذي اعلن ايضا تخصيص خمسة مليارات دولار حتى تستطيع شركات تجهيز السفن اليونانية شراء سفن صينية. وكانت الصين التي تملك مركزا لوجستيا قرب بيرايوس ايضا عبرت عن اهتمامها بالسكك الحديد اليونانية المرشحة للتخصيص. وفي بيرايوس، حيث الصقت على عدد قليل من الجدران عبارة تطالب الصين ب" العودة الى الصين"، تجري الامور بهذا الشأن في تكتم خشية ان يؤدي طرحه الى اعلان رفضه. وخلال زيارة جياباو، دعي المصورون الصينيون واليونانيون وحدهم الى التقاط صور للمجموعة تظهر في خلفيتها الرافعات والحاويات. ولم تتلق وكالات الانباء العالمية دعوة مماثلة.