أثارت غارة جوية على مدينة القائم العراقية التي تعتبر «قلب ولاية الفرات»، وتقع قرب الحدود السورية (500 كلم غرب بغداد)، وخلفت عشرات القتلى والجرحى، ردود فعل راوحت بين الإدانة البرلمانية وتحميل الحكومة المسؤولية. واعترف الجيش العراقي بأن طائراته نفذت الغارة لكنه نفى أن يكون استهدف المدنيين، مؤكداً تدمير مواقع ل «داعش» وقتل بعض قيادييه. (للمزيد) وجاءت الغارة على القائم، فيما تخوض القوات العراقية معارك شرسة في الموصل و «الوضع حرج» في هذه المدينة، ما استدعى طلب المساعدة من طيران التحالف الدولي لضرب مستشفى السلام الذي حرره قبل يومين ثم انسحب منه. ونفت قيادة العمليات المشتركة أن تكون استهدفت سوقاً أو تجمعات مدنية في القائم، وأعلنت في بيان أمس: «في الساعة 12 أقلعت طائرات القوة الجوية العراقية لتنفيذ ضربة على أحد أوكار الإرهابيين في منطقة الكرابلة، وتفاصيل الهدف منزل من طابقين يوجد فيه 25 انتحارياً من جنسيات أجنبية والمسؤول عنهم أبو ميسرة القوقازي، كما أقلعت الطائرات لتنفيذ واجب آخر بتوجيه ضربة إلى وكر داعشي ومضافة انغماسيين والهدف هو منزل من طابقين مطلي باللون الأصفر، فيه من 30 إلى 40 إرهابياً من جنسيات أجنبية»، لافتة إلى أن «تحديد الأهداف يتم بناء على معلومات استخبارية دقيقة بدلالة وتأكيد مصادرنا في المنطقة». إلى ذلك، دان رئيس البرلمان سليم الجبوري، في بيان «عمليات القصف الجوي، التي طاولت المدنيين العزل في القائم واستهدفت مراكز تسوق، وتسببت في استشهاد وجرح العشرات». وشدد على «ضرورة محاسبة مرتكبيه»، محملاً «الحكومة مسؤولية هذه الأخطاء». وطالب ب «فتح تحقيق عاجل للوقوف على حقيقة الحادثة وضمان عدم تكرارها». وأشار إلى أن «أهالي القائم والأقضية في المنطقة الغربية من الأنبار يعانون الحصار منذ أكثر من سنتين، واليوم يتعرضون لعمليات قصف تزيد معاناتهم». وكانت القائم تعرضت خلال العامين الماضيين لسلسلة هجمات شنها طيران التحالف الدولي، كان آخرها في آب (أغسطس) الماضي حين أسفرت غارة على مقر ل «داعش» عن قتل العشرات بينهم مدنيون قرب المكان. إلى ذلك، قال الناطق باسم مجلس محافظة الأنبار عيد عماش أن «الغارة استهدفت سوقاً ساعة الذروة، وكان هناك متقاعدون ينتظرون تسلم رواتبهم، وآخرون ينتظرون أيضاً تسلم مدفوعات الضمان الاجتماعي». وتكمن أهمية القائم في أنها تشكل، مع بلدة البوكمال السورية الملاصقة، قلب ما يسمى «ولاية الفرات» التي أعلنها «داعش» نهاية 2014. ويعتبر خبراء عسكريون استعادتها مهمة صعبة لأنها تتطلب السيطرة على الجانب السوري من الحدود، فضلاً عن انفتاحها على مناطق الجزيرة التي تربطها بالموصل طرق وعرة كانت طوال سنوات مخابئ للمجموعات المسلحة، ما دفع إلى الاعتقاد بأن معركة استعادتها ستكون آخر المعارك التي تشن على التنظيم في العراق. في الموصل (أ ف ب)، أكد ضابط كبير السيطرة على مستشفى السلام المؤلف من خمسة طوابق، حيث نشر «داعش» قناصة في الطوابق العليا. وقال رئيس أركان الفرقة التاسعة العميد شاكر كاظم إن قواته «تقدمت إلى نحو كيلومترين من دجلة «لكن الوضع حرج لأن المعارك عنيفة». وأضاف: «سيطرنا على المستشفى الذي كان مركز قيادة للتنظيم». لكنّ ضابطاً آخر في قوات مكافحة الإرهاب أعلن أن القتال في حي السلام شرس والجيش طلب مساعدة التحالف الدولي. وأضاف أن «الإرهابيين يطوقون المستشفى، وسنتجه إلى هناك لفتح الطريق أمام الجنود».