أعلنت اللجنة العلمية لمؤتمر الأدباء السعوديين الخامس بيانها الختامي وتوصياتها، بعد ثلاثة أيام من الجلسات المكثفة. وتمخض المؤتمر، الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام بمدينة الرياض في المدة بين 27 إلى 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016م، بعنوان «الأدب السعودي ومؤسساته: مراجعات واستشراف 1980 - 2016م»، عن جملة من التوصيات، جاء من أبرزها «الاستمرار في عقد مؤتمر الأدباء السعوديين كل عامين، ومواصلة تكريم الأدباء السعوديين في كل مؤتمر، ووضع معايير للتكريم في كل دورة، وضرورة التعجيل بإنشاء (رابطة الأدباء السعوديين)، وتطوير هيكلة الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، وضرورة إشراك المتخصصين في الأدب السعودي ونقده في صياغة مفردات مقررات الأدب والنصوص في التعليم العام، ودعم (أدب الطفل)، وتشجيع إنتاجه، ودعم ترجمة الأدب السعودي إلى لغات العالم ونشره عالمياً، وتفعيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب، التي صدرت الموافقة على إعادتها، مع العمل على إنشاء جوائز ثقافية وإبداعية للأدباء، بخاصة الأدباء الشباب». كما أوصى المؤتمر بأن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بمتابعة تنفيذ توصياته هو والمؤتمرات السابقة، وتذليل العقبات أمام ذلك. وعلى رغم الدراسات الأدبية التي قدمت خلال المؤتمر، وشكّلت رؤية الأدباء ووصفت بالمميزة، ووصفها متابعون بأنها «مميزة» إلا أن طائفة من المثقفين رأوا التوصيات التي انتهت إليها لن تجد طريقها إلى التطبيق بسهولة، إذ رأوا أن هذه الرؤية قد يتم تنفيذها بمنأى عن الاسترشاد برؤى الأدباء، «الذين يشتغلون داخل هذا الحقل ويباشرون العمل في إطاره». وقالت أستاذ البلاغة والنقد في جامعة الأميرة نورة زكية العتيبي: «انتهى المؤتمر بتوصيات قيّمة، أهمها - من وجهة نظري - تبني الوزارة لترجمة الأدب السعودي إلى اللغات الرسمية». وأضافت: «هذه الخطوة تحديداً إذا طُبّقت من شأنها أن تجعل الأدب السعودي منفتحاً على غيره من الآداب، ومن شأن هذا أن يجعل الأدب السعودي يدخل ضمن الدراسات المقارنة في الآداب». واستطردت: «رابطة الأدباء السعوديين خطوة تأخرت كثيراً، وآن الآوان لتفعيلها للرفع من شأن الأدب السعودي، ففكرة العالم عن قيمة الأدب السعودي ودوره ما زالت قاصرة، وكلي أمل كغيري من الزملاء أن تخطو الوزارة الآن هذه الخطوة وألا تصبح التوصيات مجرد حبر على الورق. من جانبه، قال أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود الدكتور خالد حامد: «التوصيات منذ المؤتمرات الأولى والأدباء يوصون، ويبقى تنفيذها بيد الوزارة، وبعضها تم تنفيذه، وبعضها لم ينفذ تماماً، ولا شك أن الأدباء حينما يطرحون مثل هذه والتوصيات فإنهم يأملون من الوزارة تطبيقها، وقد يكون للوزارة رؤية أخرى، لكنني أعتقد ونحن نتحدث عن رؤية المملكة 2030 وما سيواكبها من شفافية، أن على الوزارة أن تصرح وتقول الأسباب التي تحول دون تنفيذ هذه التوصيات، ولا شك أنه بالحوار والمشاركة والاستماع إلى وجهة النظر الرسمية ستتضح الأمور، أمّا أن تبقى هذه التوصيات هكذا، فهو أمر لا يرضي حتى المسؤولين». وتابع حامد: «ميزة هذا المؤتمر أنه حظي بمشاركة مجموعة من الأسماء الجديدة للباحثين والباحثات، وبالتالي خرج من دائرة التقليد والنمطية إلى حضور أسماء مميزة، سواء من الباحثين أم الباحثات. إلى ذلك، أشارت الشاعرة وأستاذ اللغة العربية بجامعة الملك سعود هند المطيري، إلى أن القائمين على المؤتمر يحاولون في كل دورة الأخذ بالتوصيات، غير أن ظروفاً أخرى تتدخل لإعاقة ذلك، وهو ما يؤكده المؤتمر في جلسة التوصيات في كل دورة، إذ يوصي بضرورة الأخذ بتوصيات الدورات السابقة وتذليل العقبات التي حالت دون ذلك. وقالت المطيري: «من أهم التوصيات التي اتفق عليها المؤتمرون والأدباء - في دورات المؤتمر كافة - تأسيس رابطة للأدباء السعوديين، وهو مطلب ينبغي القيام به والتعجل في رسم هيكلته، لأن ذلك يضمن للأدب السعودي ظهوراً منظماً لائقاً على المستويين المحلي والعالمي». وقال مثقف سعودي (فضّل عدم ذكر اسمه): «لم تحظ الكثير من توصيات المؤتمرات السابقة بفرصة تنفيذها، مثل إنشاء رابطة للأدباء السعوديين، التي سبق اقتراحها في المؤتمر الثالث منذ أربعة أعوام، ولم تر النور حتى أقرّت ضمن توصيات المؤتمر الأخير، ليتكرر السؤال عن مصير التوصيات فعلياً». وعتب مثقف آخر (تحتفظ «الحياة» باسمه) لغياب التراكم المعرفي للمؤتمر، بحيث توضع العناوين الفضفاضة التي تؤدي إلى توصيات مجملة، مبيناً أن المثقفين يدعون إلى الاستفادة من تجربة مؤتمرات التخصص العلمي، التي تتمتع في مواضيعها بجانب من التركيز الدقيق، مما يهدف إلى توصيات مبتكرة تجد طريقها إلى التطبيق جراء نوعيتها وقوتها، باعتبار أن قيمة الفعاليات والمؤتمرات ليس في إقامتها، بل لأثرها ونفعها على القطاع الذي تهتم به. يذكر أن المؤتمر في نسخته الأولى أطلق عام 1974 في مكةالمكرمة، وتم تحقيق ثلاث توصيات في المؤتمر الأول من أصل 30 توصية، وهي إنشاء مكتبة الملك فهد الوطنية، وكرسي الأدب السعودي، ومركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية. وعُقد المؤتمر الثاني في مكةالمكرمة عام 1998، وصدرت عن الثاني 15 توصية، تحقق منها: انتظام المؤتمر، وطباعة الكثير من الرسائل الجامعية. فيما عُقد المؤتمر الثالث في مدينة الرياض عام 2009، وصدرت عنه سبع توصيات لم يتحقق منها سوى الأخيرة، وهي: الاستمرار في طباعة الرسائل الجامعية. أما المؤتمر الرابع فعُقد في المدينةالمنورة عام 2013، وصدرت عنه ثمان توصيات، تحقق منها إنشاء هيئة مستقلة للثقافة، من دون بقية التوصيات.