تباينت في مصر أمس ردود الفعل على قرار إقالة إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير جريدة «الدستور» المعروفة بتوجهاتها المعارضة للنظام الحاكم، وهو القرار الذي صدر في ساعة متقدمة من مساء الاثنين وأثار عاصفة من التساؤلات حول هامش الحرية الذي تتمتع به وسائل الإعلام المصرية. فبينما كرر عيسى تأكيده أن الإقالة جاءت بعد رفضه استجابة قرار الناشرين برفض نشر مقال للمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، نفى مالكا «الدستور» رجلا الأعمال السيد بدوي ورضا إدوارد طرح عيسى، وشدداً على عدم وجود نية مبيتة لإطاحته. ولم يشفع ل «الدستور» أن تنشر في عددها أمس (الأربعاء) مقال الدكتور محمد البرادعي الذي تناول فيه حرب أكتوبر، لتؤكد أن المقال لم يكن سبباً في إطاحة عيسى، إذ تواصلت ردود الفعل الغاضبة على قرار الإقالة، واعتبر محللون وحقوقيون أن الإجراء محاولة من السلطة ل «تدجين» وسائل الإعلام. وتدخل المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية على خط الأزمة معتبراً أن «الحريه في مصر في تدهور سريع ومستمر». لكن رجل الأعمال المالك الرئيسي ل «الدستور» السيد البدوي أرجع في تصريحات صحافية إقالة عيسى إلى «مخالفات إدارية حدثت في الصحيفة»، مشيراً إلى أن «عيسى يتحمل تلك المخالفات باعتباره المسؤول الأول عن الدستور». وأوضح البدوي الذي انتخب رئيساً لحزب الوفد المعارض في نهاية أيار (مايو) الماضي «أن الصحافيين في الدستور أعلنوا اعتصاماً مفتوحاً قبل حدوث الأزمة بساعات بسبب احتجاجهم على خصم الضرائب من رواتبهم»، مشيراً إلى أنه تلقى تهديداً من الصحافيين «بأنهم ينذرون إدارة الجريدة أنه في حال عدم رد المبالغ المقتطعة من رواتبهم سيبدأون في اعتصام مفتوح، وهو ما يهدد عدم صدور الجريدة». وأكد البدوي أنه «رفض الرضوخ إلى ما وصفه بالضغوط والابتزاز من الصحافيين»، لافتاً إلى أنه «أصر على تحميل رئيس التحرير المسؤولية، لأنه المسؤول عن إدارة الصحيفة، ثم التقى بعده بمجموعة من المساهمين وأبلغهم أنه المسؤول عما حدث وطلب إعفاءه من رئاسة مجلس إدارة الدستور، كما طلب إعفاءه من عضوية مجلس إدارة الجريدة». وصدرت «الدستور» أمس من دون أن تحمل اسم رئيس تحرير. وأفيد أن المجلس الأعلى للصحافة وافق على أن تصدر الصحيفة برئيس تحرير تنفيذي لحين استقرار مالكيها على تسمية رئيس للتحرير. واتفق مالكا الصحيفة السيد البدوي ورضا إدوارد مع الكاتب الصحافي محمد أمين على أن يتولى موقع رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة. وضمت الصفحة الأولى من «الدستور» اسم الدكتور السيد البدوي كرئيس لمجلس الإدارة على رغم أنه أعلن أول من امس (الاثنين) في مؤتمر صحافي ترك المنصب من دون أن يسمي بديلاً له أو لرئيس التحرير المقال. وضمت الصحيفة افتتاحية موجهة بالكامل للقراء جاء فيها «عزيزي القارئ: الدستور ملك لك وحدك ولا يمكن أن يؤثر أي تغيير فيه على سياساته أبداً، وسيظل منبراً للحرية والباحثين عن العدل وسنضرب معكم أوكار الفساد بيد من حديد». وأضافت الافتتاحية: «التغيير في صالحك (القارئ) ولا يمكن أن يكون لأسباب غير مهنية أو حدث لإملاءات من هنا أو هناك ولا يمكن أن يكون في إطار عملية تصفية لشخص أو غسيل مواقف». وكان عيسى أعلن في أول ظهور علني له بعد إقالته من رئاسة تحرير الصحيفة، أن القرار يأتي في إطار حملة تكميم أفواه الصحافة المصرية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.