جازف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإمكان حصول أزمة كبيرة مع الصين، التي اعترضت على «مغازلته» اثناء مكالمة هاتفية لمدة 10 دقائق مع رئيسة تايوان تساي إنغ وين، وهي المكالمة الأولى بين مسؤول في تايوان ورئيس منتخب أو فعلي للولايات المتحدة منذ أن اعترف الرئيس الأميركي جيمي كارتر عام 1979 بتايوان جزءاً من «صين واحدة». وخالف هذا الاتصال قواعد البروتوكول خلال المرحلة الانتقالية للسلطة في واشنطن، إذ لم يتمّ إشراك وزارة الخارجية في المحادثة التي تناولت، وفق تايبه، «العلاقات الوطيدة في مجال الأمن والاقتصاد والسياسة بين تايوانوالولاياتالمتحدة»، إلا في شكل محدود جداً. لكن ترامب كتب في لهجة استغراب على «تويتر»: «أشكر اتصال رئيسة تايوان بي لتهنئتي بفوزي بالرئاسة. ومن المهم أن نشير إلى أن الولاياتالمتحدة تبيع معدات عسكرية ببلايين الدولارات إلى تايوان، لكن يجب علي ألا أقبل اتصالاً للتهنئة»! جاء ذلك بعد أيام على إشادة ترامب، إثر محادثة هاتفية، برئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، ما أثار دهشة الديبلوماسيين. وهو كان فاجأ الجميع أيضاً باستقباله في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في حضور ابنته إيفانكا. وفي شكل عام، يثير الغموض الذي يحيط بالسياسة الخارجية لترامب، الذي يعتبر أكثر ميلاً إلى الانعزالية، قلق الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة في أوروبا وآسيا. ووصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي الاتصال بين ترامب وتساي، التي جعل انتخابها رئيسة لتايوان في أيار (مايو) الماضي العلاقات أكثر سوءاً بين الجانبين، بأنه «انخراط من جانب تايوان في عمل تافه ودنيء لا يمكن أن يغير هيكل الصين الواحدة الذي شكّله المجتمع الدولي، وسياسة صين واحدة التي تتبعها حكومة الولاياتالمتحدة منذ فترة طويلة»، مشدداً على أن «مبدأ الصين الواحدة هو حجر الأساس لتطور سليم في العلاقات الديبلوماسية الصينية - الأميركية، ولا نتمنى أن يُغيّر أي شخص أو يُلغي هذا الأساس السياسي». وتعتبر الصينتايوان إقليماً منشقاً منذ 1949، ولم تتخل أبداً عن فكرة استخدام القوة لإخضاعها لسلطتها. وحمّل وانغ رئيسة تايوان مسؤوليةَ إجراء المكالمة، في محاولة لتفادي «صدع كبير» مع واشنطن قبل أن يتولى ترامب الرئاسة في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، علماً أن وانغ أشار إلى محادثة سريعة أجريت بين ترامب والرئيس الصيني شي جينبينغ بعد انتخاب ترامب، مؤكداً أن المحادثة «أرسلت إشارة إيجابية جداً إلى تطور العلاقات الصينية- الأميركية في المستقبل»، في وقت أورد نص صيني رسمي سابق أن تايوان لم تذكر في المحادثة. ولاحقاً، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أنها قدمت «احتجاجاً رسمياً إلى الجهة الأميركية ذات الصلة»، في إشارة مبطنة إلى معسكر ترامب، مشددة على أن «لا وجود إلا لصين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين». وحضت على التعامل «بحذر» مع قضية تايوان ل «تجنب أي اضطرابات غير ضرورية في العلاقات». وفيما أكد البيت الأبيض دعم الرئيس الديموقراطي باراك أوباما سياسة «صين واحدة التي لم تتغير منذ أمد طويل»، أفادت غرفة التجارة الأميركية في الصين بأن «الإدارة الأميركية المقبلة ما زالت تُشكل مواقفها، ولكن يجب أن تلمّ بسرعة بالتوترات التاريخية والآليات المعقدة للمنطقة، وتحترم الوضع القائم»، مشيرة إلى أن الشركات الأميركية التي تعمل في آسيا «تحتاج إلى يقين واستقرار». وردت كيليان كونواي الناطقة باسم ترامب، بأن « الرئيس المنتخب يعرف جيداً ما هي السياسية الأميركية في شأن تايوان، بغض النظر عمن هو الطرف الآخر في المكالمة الهاتفية». إلى ذلك، أعلن مجلس شؤون البر الرئيسي الخاص بالسياسات المتعلقة بالصين في تايبه، أن بكين «يجب أن تنظر إلى المحادثة بهدوء، وتحاول أن تعمل معنا على تطوير علاقة كريمة عبر المضيق، واستحداث أسلوب جديد يرسخ السلم والرخاء والاستقرار بالمنطقة».