أكدت موسكو أنها تريد انسحاب جميع عناصر المعارضة من شرق حلب، ما اعتُبر تشدداً في المفاوضات التي يجريها عسكريون روس في أنقرة مع قادة فصائل معارضة من حلب، في وقت تمكنت القوات النظامية السورية والميليشيات الموالية من السيطرة على حي طريق الباب شرق المدينة، بحيث باتت تسيطر على نحو ستين في المئة من الأحياء الشرقية التي كانت في أيدي الفصائل المعارضة قبل بدء الهجوم الواسع على هذه الأحياء منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنه «تأكد مقتل طيارين اثنين في صفوف سلاح الجو السوري، إثر سقوط طائرتهما فوق المدينة، ذلك أن الطيارين الاثنين وهما ضابطان في سلاح الجو، قتلا إثر إسقاط طائرتهما نتيجة استهدافها من الفصائل، خلال محاولتها الاقتراب من مطار حلب الدولي، الذي تسعى القوات النظامية إلى تأمين محيطه في شكل كامل». ووفق «المرصد»، فإن القوات النظامية والميليشيات بسيطرتها «على حي طريق الباب، تكون استرجعت نحو 60 في المئة من شرق المدينة. وبهذه السيطرة تكون القوات النظامية تمكنت من تأمين طريق مطار حلب الدولي الجديد». وجاءت السيطرة على حي طريق الباب بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى فرار المدنيين إلى حي الشعار القريب، وهذا يعني أن الجيش النظامي استعاد السيطرة على الطريق الذي يربط بين الأحياء الغربية للمدينة ومطار حلب الذي يسيطر عليه أصلاً والواقع جنوب طريق الباب. في المقابل، قال «المرصد» إن مسلحي المعارضة تمكنوا الجمعة من قلب الوضع في حي الشيخ سعيد، وتمكنوا من استعادة 70 في المئة من الحي بعدما كانت القوات النظامية هي التي تسيطر على 70 في المئة منه. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»، إن خسارة الحي «ستشكل ضربة قاسية للمقاتلين، خصوصاً بعد خسارتهم» جزءاً كبيراً من الأحياء الشرقية للمدينة خلال الأيام الأخيرة. وعلى وقع استياء المجتمع الدولي، عرضت روسيا الخميس فتح أربعة ممرات إنسانية من حلب الشرقية لإجلاء المدنيين والجرحى وإيصال المساعدات. ولا تشارك روسيا في عمليات القصف الحالية على الأحياء الشرقية، إلا أن مشاركتها العسكرية الى جانب النظام منذ أيلول (سبتمبر) 2015، ساهمت في إضعاف المقاتلين. وفي موازاة ذلك، قالت مصادر مطلعة إن الاستخبارات التركية نظمت محادثات بين حوالى 10 فصائل معارضة بينها «الجبهة الشامية» و «حركة نور الدين زنكي» و «فيلق الشام» و «حركة أحرار الشام الإسلامية» ومسؤولين من الجيش الروسي، مشيرين إلى أن المطروح هو تطوير لخطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ذات النقاط الأربع: خروج عناصر «النصرة» من شرق حلب، وقف القصف وإدخال مساعدات إنسانية وبقاء المجلس المحلي المعارض لفترة موقتة. وأشارت إلى أن الجانب الروسي اشترط «موافقة دمشق على هذا الاتفاق ووقف المعارضة معارك جنوب غربي المدينة» قبل أن يتشدد ويطلب خروج جميع مقاتلي المعارضة. في روما، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني خلال مؤتمر حول المتوسط في روما، مخاطبة الرئيس السوري بشار الأسد: «تستطيع أن تكسب حرباً، لكنك قد تخسر السلام». وتساءلت موغيريني: «من لديه مصلحة في كسب حرب والحصول على جائزة تتمثل في بلد منقسم ومسلح ويضيق بالإرهابيين (...) ومعزول على الساحة الدولية؟»، مع رفضها الاعتبار أن النظام السوري حقق نصراً في حلب. وأضافت: «أنا مقتنعة بأن سقوط حلب لن ينهي الحرب». من جهته، قال دي ميستورا خلال المؤتمر ذاته: «حان الوقت الآن للبدء بمفاوضات فعلية». وأضاف متوجهاً بالحديث إلى الأسد: «اتصل بالأمم المتحدة لتقول: أنا مستعد لحكم انتقالي، لمفاوضات فعلية». وتطرق دي ميستورا أيضاً إلى وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإلحاق «الهزيمة» بتنظيم «داعش». وقال: «إذا كنتم تتحدثون عن إلحاق الهزيمة بداعش وليس التصدي له، فستحتاجون الى حل سياسي شامل»، لافتاً الى تجربتَي العراق وليبيا، حيث لا يزال السلام بعيد المنال.