تركزت أعمال القمة الأوروبية - الآسيوية حول سبل تعزيز فرص النمو الاقتصادي، وحلّ معوقات التجارة ومشاكل أسعار صرف العملات الرئيسة، وإعادة النظر في توزع الأصوات داخل المؤسسات النقدية الدولية والتنمية المستدامة والتغير المناخي والتمهيد لاجتماع قمة العشرين الشهر المقبل في كوريا الجنوبية. وتتواصل المشاورات في اجتماعات القمة التي ستعقد اليوم بين الاتحاد الأوروبي والصين. وشدد رئيس وزراء الصين ون جيا باو، على أن الاقتصاد العالمي «يستعيد النمو ببطء لكن الغموض لا يزال يشوب مساره بفعل تداعيات أزمة المال العالمية، إذ تواجه دول كثيرة مشاكل ارتفاع معدلات البطالة وضعف النمو وارتفاع الديون السيادية». وتحدث ون في بداية القمة الأوروبية الآسيوية مطلع الأسبوع في بروكسل، بعدما كان توقف الأحد الماضي في اليونان، حيث عاين تراكم مشاكل العجز وتعطل النمو وارتفاع الديون العامة. ووقعت المؤسسات الصينية والحكومة اليونانية سلسلة اتفاقات في مجالات التجهيز، تجعل من ميناء اثينا المدخل الجنوبي بالنسبة إلى المنتجات الصينية نحو السوق الأوروبية. ووعدت الصين بشراء سندات الخزينة اليونانية عندما تطرح في السوق العالمية. وتعد الدول الأوروبية والآسيوية 58 في المئة من سكان المعمورة، و60 في المئة من التجارة العالمية. واختارت دول المنتدى الثامن الأوروبي - الآسيوي عقد محادثاتها تحت شعار «تحسين جودة الحياة بالنسبة إلى سكان» المجموعتين. وأبلغ رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي نظراءه الآسيويين، بأن القمة الأوروبية «أوصت قبل أسبوعين بالنظر نحو الشرق قولاً وفعلاً»، إذ قرر الاتحاد زيادة المعونات الانسانية لمنكوبي الفيضانات في باكستان، ووضع خطة للمساهمة في جهود إعادة إعمار البلاد. وفي مؤشر انفتاح السوق الأوروبية أمام الدول الآسيوية، يوقع الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية اليوم اتفاقاً للتبادل التجاري الحر. وأوضح فان رومبوي أن الاتفاق «يمثل حافزاً للنمو وإيجاد وظائف في المنطقتين، في وقت يزداد اندماج الاقتصادات الآسيوية بما يساعد على نمو المبادلات بين الدول الأوروبية والآسيوية ويمهد الطريق لابرام اتفاقات أخرى». وتضغط الدول الأوروبية، كما الولاياتالمتحدة، على الدول الآسيوية، تحديداً على الصين لرفع قيمة صرف عملتها (اليوان)، أمام الدولار واليورو من أجل رفع قيمة صادرات الدول الغربية في السوق الصينية. كما تنتقد النقابات العمالية ضعف دخل اليد العاملة في آسيا والأنظمة السلطوية في دول كثيرة، حيث لا تسمح بحركات الاحتجاج. وتطالب بإدراج بند الحماية الاجتماعية وحماية البيئة ضمن معايير اقتصاد السوق. وتنتقد الدول الآسيوية، اجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومات الأوروبية لخفض عجز الموازنات العامة والتحكم في المديونية. وتحد الاجراءات من حوافز النمو وبالتالي من فرص استيراد المنتجات الآسيوية. كما تحذر الدول الآسيوية من «تنامي نزعات حمائية في اوروبا». وأكد رئيس الوزراء الصيني ضرورة «تكثيف تنسيق السياسات الاقتصادية واختيار الوقت المناسب لوضع استراتيجية للخروج من الأزمة، وضرورة الحفاظ على استقرار سعر صرف العملات الرئيسة بالنسبة إلى الاحتياطيات الكبيرة». وشدد ون جيا باو على ضرورة «التفكير في الأمد الطويل، إذ نحتاج إلى إعادة الهيكلة الاقتصادية، وإزالة المعوقات الهيكلية تدريجاً وتشجيع حوافز النمو الداخلي. وتجري المشاورات بين اوروبا وآسيا في وقت بدأت اقتصادات الاتحاد الأوروبي تستعيد النمو ولو بوتيرة بطيئة، في حين تواصل الاقتصادات الآسيوية نموها السريع. وأكد الجانب الأوروبي «أهمية تعزيز الحوكمة الاقتصادية والمالية على الصعيد العالمي». وذكّر رئيس المجلس الأوروبي، بأن اللقاء السابق بين الكتلتين عقد في بكين عام 2008 في ظل أزمة المال، «لكننا استعدنا النمو منذ ذلك الحين بفعل الجهود المشتركة. لكن العمل المتبقي ضخم بهدف تأمين عدم تكرار الأزمة». وشارك في قمة بروكسيل رئيس الوزراء الصيني الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي سيتولى رئاسة المجموعة عام 2011. وشدد ون على الأهمية التي تعلقها بلاده على «الحوكمة الاقتصادية العالمية حيث تمثل شرطاً أساساً لتجاوز أزمة المال». وتطالب الصين بصفتها القوة المرشحة لأن تحتل المرتبة الثانية في العالم، بزيادة حجم صوت القوى الاقتصادية الناشئة في صندوق النقد الدولي، اذ تسيطر عليه الدول الغربية. ودعا ون إلى استكشاف سبل إقامة «نظام مالي عالمي ذي جدوى يضمن تحسين مسار اتخاذ القرارات وآليات إدارة المؤسسات النقدية العالمية، ورفع ثقل أصوات الدول النامية، بما يتناسب ومساهمة كل منها في الاقتصاد العالمي». ودعمت الدول الآسيوية اقتراحات تعزيز مراقبة أسواق المال لتفادي تجدد كارثة انهيارات الأنظمة المصرفية الأميركية والأوروبية في العامين الماضيين.