تمتاز محافظة قلوة في منطقة الباحة باحتوائها قريتي «الخلف والخُليف»، إحدى أقدم القرى الأثرية في المنطقة، إذ اشتهرتا بنمطهما المعماري البديع المعتمد على الحجر المحلي (الصلد)، المطرز بالأقواس والجص الأحمر الذي مايزال بعض أجزائه قائماً إلى وقتنا الحاضر، وبحسب ما أظهرت نقوش جدران القريتين فإن تاريخهما يعود إلى أوائل القرن الثالث الهجري، كما تتوزع فيهما العديد من المنازل السكنية التي ماتزال بعض جدرانها قائمة إلى الآن، بينما تداعى الكثير منها، الأمر الذي جعل عدداً من أهلها ينقل بعض حجارتها المنهارة ليبنى بها من جديد في مكان آخر أسفل القرية الأثرية. وتضم القريتان العديد من المواقع الأثرية، المتمثلة بالحصون والمباني القديمة، ومسجد الخلف التاريخي الذي يمثل نمطاً معمارياً فريداً من نوعه، وكذلك وجود بئر «دغيفقة» التي تقع على بعد 100متر تقريباً إلى الغرب من القرية بالقرب من سفح الجبل الذي تقف عليه قرية الخلف فهي ماتزال قائمة ولم تطمر، فيما غُطيت بحجارة ضخمة جداً أبقي لها فتحات لمعرفتها. ويُرجع الباحثون سبب تسمية بئر «دغيفقة» بهذا الاسم إلى كثرة عروق الماء وحباله التي تصب فيها من طبقات الأرض ولغزارة مائها، كما أنها تحوي فتحة من جهة الجبل تستخدم لأعمال الصيانة، ويتصل بها نفق فوق سطح الأرض مغطى يصل البئر بالحي السكني الذي اندثر مع مرور الأيام. كما رصعّت جدران «الموقعان» بالنقوش الخطية التي عُثِر منها على نحو 27 نقشاً شاهداً على تلك الحقبة الزمنية التي تمتد من النصف الأول للقرن الثالث الهجري حتى النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، جميعها منقوشة بالخط الكوفي المتدرج من البسيط إلى المورق ثم المزهر، إلى جانب وجود مقابر عدة بالقريتين. وقال ل«الحياة» الباحث في الآثار الدكتور أحمد الغامدي: «إن معنى (الخلف والخليف) في اللغة يقصد فيه مفيض الماء، أو المكان المتسع الذي يفيض إليه الماء بعد خروجه من ممرات ضيقة»، مشيراً إلى أن القريتين متجاورتان تقريباً وتقعان إلى الشمال والشمال الغربي من محافظة قلوة على ضفاف أودية مهمة كواديي محلا وريم المنحدرين من جبل نيس المشهور بالقطاع التهامي. وبيّن أن مباني وآثار القريتين ونقوشهما الوفيرة تدل على أنهما ذات عراقة وقِدم، مفيداً بأن القريتين تضمان عدداً من الحصون والمباني الأثرية ومسجد الخلف وبئر دغيفقة، لافتاً النظر إلى أنه يوجد ممر تحت الأرض حفر آنذاك لدواعٍ أمنية، كما يذهب من خلاله النساء لجلب الماء من دون أن يراهن أحد، عاداً هذا العمل من التقنيات الأمنية والحربية التي تثير الإعجاب والدهشة. وأكد الغامدي أن قريتي «الخلف والخلُيف» لم تشتهرا في المصادر الجغرافية القديمة بسبب بُعد موقعهما عن الطرق التجارية والقوافل، إلا أنها ذُكرت في بعض المصادر التي أوضحتها نقوش أسماء الرجال والنساء المتوفين على بعض جدرانها، ومن أشهر الشخصيات العلمية التي برزت في قرية الخلف الشيخ موسى بن عيسى الذي تُرجم له السخاوي، إضافة إلى العالم اللغوي مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط الذي استوطن في هاتين القريتين قرابة العام. من جانب آخر، أوضح ل«الحياة» رئيس بلدية محافظة قلوة المهندس عوض القحطاني أن قريتي «الخلف والخليف»، هما في «عهدة» هيئة السياحة والتراث الوطني، أما البلدية في حال تخصيص وزارة المالية مستقبلاً مشروعاً لتطوير القرى الأثرية سيتم التنسيق مع هيئة السياحة وتراث الوطني حيال دور مشاركتهم وتوضيح دور البلدية في تطوير هاتين القريتين والقرى الأخرى الأثرية بالمحافظة. «الحياة» التقت بعدد من المواطنين الذين تذمروا من عدم الاهتمام بقريتي «الخلف» و«الخُليف» أسوة بقرية ذي عين، إذ حملوا مسؤولية الإهمال - على حد قولهم - لهيئة السياحة والتراث الوطني. «الحياة» بدورها أرسلت استفساراً إلى مدير الآثار في هيئة السياحة والتراث الوطني في منطقة الباحة بدر عصيدان"الحياة" والذي أكد أن الخلف تعد من المواقع الاثرية بالمنطقة حيث تم تسجيلها بالسجل الخاص بقطاع الاثار والمتاحف بالهيئة. حيث قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بوضع البتر الخاصه لحمايتها والحفاظ عليها ،علما ان الهيئة تسعى لحماية جميع المواقع الاثرية وعمل الفرق لدراستها وترميمها حسب الاولوية والاهمية .ونوه عصيدان ان الخليف قرية تصنف ضمن قرى التراث العمراني ترجع ملكيتها للاهالي. حيث ان العامل الاساسي في ترميم اي قرية يعود لمالكيها والرغبه الجادة للترميم، اما ما ذكرحول تسليم القرية للهيئة لم يتم ذلك علماً ان الهيئة تشجع المجتمعات المحلية واصحاب تلك القرى بالدعم الفني والاستشاري للاستفادة منها واعادة ترميمها وتشغيلها بما يتناسب مع هوية تلك القرى التراثية بمعايير الترميم الصحيحة.