انتهت المنافسة وبقي الإبداع شاهداً مادياً وإنسانياً على همة الشباب السعودي وقدرته، إذا ما هيّئت الظروف وأتيحت الفرص، فبالأمس اختتمت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (مسك الخيرية) ساعات تحدي «هاكاثون» ال48 بابتكار 32 تطبيقاً طبياً تسهم في إنقاذ الأرواح ومداواة آلام المرضى، بطرق إبداعية مختلفة، تراعي الحاجات السعودية المحلية بمعايير عالمية. وجرت مراسم تكريم الفرق الفائزة في تحدي «هاكاثون مسك» مساء أول من أمس، في الرياض، بحضور وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، والأمين العام لمؤسسة مسك الخيرية بدر العساكر. وبعد تنافس شديد بين الفرق المتسابقة، توج ب«الهاكاثون» ثلاث فرق، استحقوا ثلاث جوائز نقدية، الأول فريق «ليميت ليس» بجائزة قدرها 100 ألف دولار عن ابتكار تطبيق يعنى بالربط بين طالبي الدم والمحتاجين إليه، متجاوزاً الطرق التقليدية المحلية المتعارف عليها، مع توفير قاعدة بيانات طبية محدثة باستمرار عن فصائل الدم المختلفة ونوع الحاجة، كما يرتبط التطبيق بشركات سيارات لتوصيل المحتاج أو المتبرع إلى أقرب مستشفى. ويتكون الفريق الفائز بالمركز الأول «ليميت ليس» من ثمانية أعضاء، هم: سلمان العريفي، ومنيرة الحسن، وطارق سنقورة، وإبراهيم خليف، ومازن الركيني، وأحمد عصام، وفاتن بدر، وريهام العبيدان. كما توج بالمركز الثاني بجائزة قدرها 50 ألف دولار فريق «فالكون» عن ابتكار روبوت منزلي يعتني بالمرضى الصغار وكبار السن تحديداً من حيث التذكير بمواعيد الأدوية وجرعاتها آلياً، والتنبيه في حال تجاوز الموعد المحدد من دون أخذ الدواء، في تواصل معلوماتي مباشر مع الطبيب المختص بالحالة لإعطاء تاريخ طبي مفصل عن سير تناول الأدوية من المريض. أما المركز الثالث فكان من نصيب فريق «برين بالانس» بجائزة نقدية قدرها 35 ألف دولار عن ابتكار سوار معصم يد يتابع مستويات القلق لدى الفرد ويسجلها باستمرار، ما يعطي تاريخاً طبياً نفسياً من قراءات إحصاءات دقيقة، تمكن الأطباء من الاستفادة منها لاحقاً. في لفتة تشجيعية، ومن باب الاطلاع على ما قام به الشباب من ابتكارات طبية، حضر الدكتور توفيق الربيعة وزير الصحة السعودي مراسم التتويج وتسليم الجوائز، بعد أن قام بجولة سريعة على عدد من الفرق المشاركة، مطلعاً على ابتكاراتهم وشروحهم عنها عن قرب. وأبدى الربيعة في نهاية الجولة ومراسم توزيع الجوائز سعادته بما رأى من إبداعات شبابية واعدة ومبشرة، مثنياً على ما تقوم به «مسك» الخيرية من ملتقيات مميزة ومحفزة، والأهم أنها مواكبة لتطلعات الجيل الجديد من جهة، وما يعيشه العالم من اقتصاد يعتمد على الابتكار والمعرفة من جهة أخرى. وختم الربيعة حديثه، متمنياً التوفيق للشباب المشارك، في مستقبلهم العلمي والعملي، ول«مسك» الخيرية كل النجاح في مشاريعها المقبلة. وشهد تحدي «هاكاثون» تنافساً في الأفكار وتنفيذ التطبيقات، ففي الوقت الذي فاز فيه ثلاث فرق بالمراكز الثلاث الأولى، ماتزال فرص التطوير والاستثمار مفتوحة أمام مشاريع أخرى برزت عبر تحدي «هاكاثون مسك»، إذ أبدى مستثمرون مختصون في التطبيقات الإلكترونية الذكية وفي المجال الصحي اهتمامهم وتطلعاتهم إلى شراء حقوق وتطوير عدد من المشاريع الابتكارية ضمن تحدي «هاكاثون». ومن بين المبتكرات، التي نافست بقوة على المراكز الأولى، ابتكار تطبيق بديل للاستخدام التقليدي لنداء الأطباء عبر جهاز البيجر، إذ من شأن التطبيق البديل أتمتة النداء بدقة أعلى وتحديثه باستمرار بكل المعلومات، التي قد يحتاج إليها الطبيب في طريق وصوله إلى الحالات الطارئة، وابتكار آخر يتمثل بقفاز خاص بمرضى الأعصاب يساعدهم في تحريك أيديهم، فضلاً عن تطبيق «نفسي» يساعد في تقديم استشارات نفسية بخصوصية عالية. وكان من بين التطبيقات المبتكرة، التي تم إنجازها في «هاكاثون مسك»، تطبيق إلكتروني يساعد من تبدو عليهم أعراض أي مرض في تحديد أقرب مستشفى وتزويدهم بنصائح عدة، من بينها مدة الانتظار في كل مستشفى، ومدى توفر الأطباء المختصين في حالته. ولم تغب الشراكات العالمية والمحلية المؤثرة في المشهدين الابتكاري والريادي عن تحدي «هاكاثون مسك» 2016 فور إطلاقه، سواء بالإرشاد المباشر أم بالدعم الفني والتحكيم في أعمال الفرق، منذ اللحظات الأولى لإعلان انطلاق التحدي، وحتى إعلان أسماء الفرق الفائزة، إذ شارك كل من شركة مايكروسوفت، و«أمازون»، و«سيسكو»، و«أوراكل»، وشركة سي فايف «c5»، وشركة الاتصالات السعودية، و«حاضنة بادر»، و«منتجع الفيصلية» بدرة الرياض، وشركة كريم للمواصلات، وشركة التفاح الأخضر، وشركة دانكن دونات، وغيرها من الشراكات المحلية مع متطوعين من الأكاديميين الجامعيين والأطباء والمطورين السعوديين، إذ قدم الجميع عملاً متكاملاً، للأخذ بيد شباب «هاكاثون مسك» بشكل خاص، وبيد «الابتكار الثقافي» لِغَد المملكة العربية السعودية وشبابها كما هو شعار هذه المنافسة. يذكر أن «هاكاثون مسك» 2016 يأتي ضمن عدد من المبادرات والجهود التي تبذلها مؤسسة مسك الخيرية لإتاحة الفرص، وللتشجيع على الإبداع، بما يضمن استدامته ونموه للمساهمة في بناء العقل البشري، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وبرامج البلاد المتنوعة والطموحة للتحول الوطني 2020.