توعدت أنقرة أمس دمشق ب «الانتقام» لمقتل ثلاثة جنود أتراك في شمال حلب، بعدما اتهم الجيش التركي القوات النظامية السورية بالوقوف وراء مقتلهم في الذكرى الأولى لإسقاط تركيا طائرة روسية، بالتزامن مع استمرار المعارك والقصف على شرق حلب، في وقت أعلنت الأممالمتحدة أنها تنتظر موافقة خطية من دمشق وموسكو لإدخال المساعدات بعد إعلان المعارضة موافقتها على إغاثة المحاصرين. وقالت رئاسة أركان الجيش التركي في بيان على موقعها الإلكتروني: «في الغارة الجوية التي نقدّر أنها من القوات النظامية السورية، قُتل ثلاثة من جنودنا الأبطال وأصيب عشرة جنود بجروح، أحدهم جروحه خطيرة»، مشيرة إلى أن الغارة وقعت فجر الخميس في منطقة الباب التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي. وتنفذ القوات التركية وفصائل سورية مقاتلة مدعومة منها عملية عسكرية واسعة باسم «درع الفرات» في شمال سورية، تمكنت خلالها من إبعاد «داعش» والعناصر الأكراد عن المناطق المحاذية للحدود، ووصلت إلى قرب الباب، أحد أبرز معاقل «داعش» في ريف حلب. وأعلن ناطق عسكري أميركي الأربعاء أن التحالف الدولي ضد «داعش» لا يدعم العمليات التي تشنها القوات التركية مع فصائل سورية حليفة على مدينة الباب. وهي المرة الأولى التي تتهم فيها أنقرةدمشق بقتل جنود أتراك منذ بداية عملية «درع الفرات» في 24 آب (أغسطس). وقُتل حتى الآن 15 جندياً تركياً منذ إرسال الجنود الأتراك الى داخل سورية. وكانت وسائل الإعلام التركية ذكرت في مرحلة أولى، أن الجنود قتلوا في هجوم ل «داعش»، كما تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «عدد من القتلى بين الجنود الأتراك» في هجوم قال إن «داعش» وراءه. وأجرى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اتصالات مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، للبحث في الحادث. وألقى الرئيس رجب طيب أردوغان خطاباً طويلاً الخميس، من دون أن يأتي على ذكر الجنود. ودعا زعيم أبرز حزب تركي معارض كمال كيليجدارأوغلو، الحكومة إلى التحلي ب «الحكمة»، مشيراً إلى أن المسألة قد تجرّ تركيا الى «عملية فائقة الخطورة». ولم يصدر رد سوري رسمي حتى حلول مساء أمس. من جهة أخرى، أفاد «المرصد السوري» بأن طائرات تركية قصفت منتصف ليل الأربعاء- الخميس بلدة العريمة الواقعة على منتصف الطريق بين مدينة الباب ومدينة منبج التي سيطرت عليها أخيراً «قوات سورية الديموقراطية» وهي تحالف فصائل عربية وكردية مدعومة من واشنطن، وطردت «داعش» منها. وفي مؤشر لافت، أفاد «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» مساء أمس إلى أن قوات «الجيش السوري وحدات الحماية العربية الكردية» سيطرت على قرى بابنس، تل شعير، حليصة، الشيخ كيف، جوبة، ونيربية في ريف حلب الشمالي الشرقي». وتقع هذه القرى على مسافة قصيرة من مدينة الباب، ما يثير تكهنات بأن الجيش السوري النظامي ربما يفكّر في الوصول إليها قبل تمكن قوات «درع الفرات» من طرد «داعش» منها. وتزامن هذا التقدم للقوات الحكومية مع أنباء عن شن الطيران السوري مساء غارة على رتل لفصائل «درع الفرات» على أطراف بلدة قباسين (قرب الباب) «ما تسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى» بحسب ما أفاد «مركز حلب الإعلامي» المعارض. على جبهة أخرى في شمال سورية، تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة والقوات النظامية التي تحاول السيطرة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب. واستمر استهداف القسم الشرقي من حلب بالقصف الجوي والمدفعي لليوم العاشر على التوالي، وفق «المرصد»، فيما «يتفاقم الوضع الإنساني ويزداد مأسوية». وتحدث «المرصد» عن مقتل تسعة أشخاص نتيجة قصف قوات النظام الجوي والمدفعي على أحياء الفردوس ومساكن هنانو وكرم البيك والقاطرجي والشيخ خضر، مشيراً إلى أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع، لوجود عشرات الجرحى والمفقودين وبعض الجرحى بحالات خطرة». وقال مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند الخميس، إن جماعات المعارضة المسلحة شرق حلب وافقت على خطة المنظمة الدولية لإيصال المساعدات وعمليات إجلاء المصابين، لكنها في انتظار الضوء الأخضر من روسيا والحكومة السورية. وقال إن مئات الشاحنات جاهزة في تركيا وغرب حلب الذي تسيطر عليه الحكومة لإدخال المساعدات، لكن الأممالمتحدة في حاجة لإخطارها قبل ذلك باثنتين وسبعين ساعة للتحضير «لعملية كبيرة ومعقدة وخطيرة». وأضاف: «لدينا موافقة شفهية أيضاً من روسيا الاتحادية على خطتنا المؤلفة من أربع نقاط. نحتاج إلى موافقة مكتوبة وإلى دعم غير مشروط أيضاً من روسيا وما زلنا ننتظر رداً من الحكومة السورية». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن «المجموعات الإرهابية لا تزال تعيق العملية الإنسانية في الأحياء الشرقية لحلب وتواصل منع المدنيين من الخروج عبر الممرات الآمنة التي حددتها الحكومة السورية». إلى ذلك، نفى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا نيته الاستقالة من منصبه. وقال مكتبه في رسالة إلكترونية أمس: «المبعوث الدولي يبقى منخرطاً بقوة في مهمته». إلى ذلك، ذكرت وكالة «فرانس برس» أن قذائف هاون أطلقها مسلحون من غوطة دمشق قتلت رياضياً سورياً معروفاً هو العقيد نزيه نعمان مدير كرة القدم في نادي الجيش بطل الدوري السوري. واصيب نعمان مساء أمس الخميس بشظايا قذيفة هاون اثناء تواجده في مدينه الفيحاء الرياضية ما أدى إلى وفاته. وتتعرض مدينة الفيحاء الرياضية ومحيطها في منطقة المزرعة بشكل شبه يومي للقذائف. وقتل وجرح العديد من الرياضيين في هذه المدينة التي تضم ملاعب لمختلف الألعاب إضافة الى مقر اتحاد كرة القدم الذي اصيب قبل اشهر بعدة قذائف صاروخية خلفت اضرارا مادية كبيرة. يذكر أن الأزمة التي تعيشها سورية منذ نحو 6 سنوات أدت إلى مقتل أكثر من 300 رياضي ورياضية في مختلف الألعاب جراء التفجيرات أو قذائف الهاون. "مباراة ودية" بين شرق حلب وغربها دعت السلطات السورية عبر إعلانات ورسائل نصية، أهالي الأحياء الشرقية المحاصرة شرق حلب، إلى حضور «مباراة ودية» في كرة القدم في ملعب الحمدانية في مناطق القوات النظامية غرب المدينة. وجاء في أحد الإعلانات: «أيها السكان الأعزاء في الأحياء الشرقية في حلب، ندعوكم إلى المشاركة وحضور مباراة كرة القدم التي ستقام في ملعب حي الحمدانية الساعة 12 ظهراً يوم الخميس» (أمس). وظهرت في الإعلان صورة لشخص يلعب كرة القدم، ويدان تتصافحان. وكرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في حلب. وإضافة إلى الإعلانات، ألقت مروحيات منشورات ورقية وبعثت رسائل نصية إلى الهواتف النقالة شرق حلب، كان بعضها باللغة الإنكليزية. ودعا بعضها «المسلحين» أيضاً إلى حضور «المباراة»، التي ستقام في الحي الذي سعت فصائل إسلامية ومعارضة إلى السيطرة عليه في هجومين في الشهرين الماضيين. وأشار موقع «روسيا اليوم» أمس، إلى أن الجيش النظامي دعا «المسلحين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، إلى السماح لمن يرغب من المواطنين بالمغادرة وعدم اتخاذهم رهائن ودروعاً بشرية، وإزالة الألغام من المعابر التي حددتها الدولة»، في وقت رفض مدنيون المغادرة من معابر كان الجيش الروسي حددها لخروجهم إلى الأحياء الغربية.