سيطر الجيش السوري أمس الخميس على معظم منطقة الراموسة عند الأطراف الجنوبية لمدينة حلب ليستعيد بذلك غالبية النقاط التي خسرها لمصلحة فصائل مقاتلة وإسلامية قبل اكثر من شهر. ويأتي التقدم الأخير للقوات النظامية إثر تمكنها الأحد من إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب. وتتزامن معارك حلب مع عملية تهجير جديدة للمواطنين من مناطق غوطة دمشق الغربية، إذ تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن بدء عملية «نقل أكثر من 250 مواطناً من مدينة معضمية الشام بغوطة دمشق الغربية إلى مراكز الإيواء في منطقة حرجلة والكسوة بريف دمشق الغربي». وأشار إلى دخول حافلات إلى المدينة لتبدأ عملية نقل المهجرين إلى مراكز الإيواء «بعد أن سبقتهم دفعة مؤلفة من نحو 300 مدني غالبيتهم من الأطفال والمواطنات، في الثاني من أيلول (سبتمبر) الجاري، وكانت سبقتهم إلى مراكز الإيواء هذه، في 26 و27 آب (أغسطس) الفائت، دفعات مؤلفة من مئات العائلات من مدينة داريا التي جرى تهجيرها باتفاق بين سلطات النظام وفصائل عاملة في مدينة داريا بغوطة دمشق الغربية». ولفت «المرصد» إلى «أن عملية التهجير جرت بإشراف من الهلال الأحمر السوري الذي أدخل سيارات إسعاف تابعة له ونقلت الحالات المرضية من مدينة معضمية الشام إلى مراكز الإيواء». ميدانياً، أفاد «المرصد» بأن القوات النظامية والمسلحين الموالين لها «سيطروا بشكل كامل على منطقة الراموسة إثر معارك عنيفة مع فصائل مقاتلة وإسلامية وجهادية». لكن وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) اكتفت بالقول إن الجيش السوري تقدم في منطقة الراموسة، بينما ذكر «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» اللبناني، أن «الجيش السوري وحلفاءه يحرزون تقدماً في منطقة الراموسة جنوب حلب ويسيطرون على معمل الغاز والدباغات والبلدية إثر اشتباكات مع جيش الفتح». ولفت مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن إلى أن السيطرة على الراموسة تأتي بعد تلقي قوات النظام تعزيزات من مقاتلين عراقيين وإيرانيين بداية الأسبوع الحالي. وأضاف أن «النظام لا يمكن أن يتحمل خسارة هذه المعركة، لأنه سيخسر معها كل شيء». وشنّ تحالف «جيش الفتح»، وهو عبارة عن فصائل عدة أهمها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل إعلانها فك ارتباطها بالقاعدة) و «حركة أحرار الشام»، في 31 تموز (يوليو) هجوماً عنيفاً ضد مواقع قوات النظام في جنوب مدينة حلب. وتمكنت هذه الفصائل بعد أسبوع من بدء هجومها، من التقدم والسيطرة على منطقة الكليات العسكرية المحاذية للراموسة وفك حصار فرضه الجيش السوري لنحو ثلاثة أسابيع على أحياء المدينةالشرقية عبر فتح طريق إمداد جديد يمر بالراموسة. وبعد معارك استمرت أكثر من شهر، تمكنت قوات النظام الأحد من السيطرة على منطقة الكليات العسكرية لتقطع طريق الإمدادات الجديد وتحاصر الأحياء الشرقية مجدداً. ووفق عبدالرحمن، فإن الفصائل لا تزال تسيطر على مواقع غير مهمة في أطراف حلب الجنوبية. وأفاد مراسل «فرانس برس» في الأحياء الشرقية، بأن التجار يحاولون منذ يوم الأحد تأمين البضائع اللازمة قبل انقطاعها تماماً، في وقت عادت الأسعار إلى الارتفاع نتيجة النقص في المواد. وتشهد مدينة حلب منذ العام 2012 معارك وقصفاً متبادلاً بين الفصائل المعارضة في أحيائها الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية. وقتل الثلثاء 11 شخصاً، وفق المرصد، في قصف جوي طاول حي السكري في الجهة الشرقية من المدينة. وذلك غداة إصابة العشرات بالاختناق إثر قصف جوي بالبراميل المتفجرة على الحي ذاته. واتهم ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي قوات النظام السوري باستخدام غاز الكلور السام. وتشهد محافظة حلب معارك على جبهات عدة، وهي المحافظة التي يتقاسم السيطرة عليها تنظيم «داعش» والفصائل المقاتلة وقوات النظام والمقاتلين الأكراد على حد سواء. وإثر معارك مع الأكراد من جهة والقوات التركية بمشاركة فصائل معارضة مدعومة منها من جهة ثانية، خسر تنظيم «داعش» اثنين من أهم معاقله في محافظة حلب، وباتت مدينة الباب معقله الأهم فيها. وأسفر قصف جوي لطائرات حربية مجهولة الأربعاء عن مقتل عشرة مدنيين وأربعة من المتشددين المشتبه فيهم وأربعة آخرين لم تحدد هوياتهم على بلدة تادف الواقعة تحت سيطرة «داعش» في جنوب شرقي الباب. وأظهر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء ما يُعتقد أنه انفجار دبابتين بعد إصابتهما بصاروخين أُطلقا من مواقع لتنظيم «داعش». ووفق وكالة «أعماق» للأنباء التابعة ل «داعش»، فإن الدبابتين كانتا متمركزتين في منطقة الراعي على طول الحدود السورية- التركية وأصيبتا بصواريخ يوم الثلثاء. وتقع الراعي على بعد 55 كيلومتراً غرب جرابلس وهي بلدة حدودية سيطر عليها الجيش التركي وحلفاؤه من مقاتلي المعارضة السوريين في هجوم نُفّذ يوم 24 آب (أغسطس). والراعي جزء من ممر طوله 90 كيلومتراً قرب الحدود التركية تقول أنقرة إنها تطهره من «داعش» وتحميه من توسع الفصائل الكردية. في غضون ذلك، قُتل ستة مقاتلين أكراد بقصف للمدفعية التركية في شمال سورية حيث تشن أنقرة منذ أسبوعين عملية عسكرية تستهدف «داعش» والفصائل الكردية على حد سواء، بحسب ما أفاد «المرصد» السوري. وأشار «المرصد» إلى أن الجيش التركي أطلق قذائف مدفعية في وقت متقدم ليلة الأربعاء على منطقة حدودية قرب عفرين، إحدى المقاطعات الكردية الثلاث في شمال سورية. وأوضح المرصد أن «ستة عناصر من القوات الكردية قتلوا وتسعة مدنيين أصيبوا بجروح»، متحدثاً عن «قصف عنيف ومكثف». وقال مسؤولون في الجيش التركي أمس، إن «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية هي من فتح النار على موقع حدودي تركي ليلة الأربعاء فرد الجنود الأتراك بالمثل. في المقابل، اعتبر بيان للسلطات الكردية في عفرين الهجوم «استفزازاً وتحريضاً عسكرياً من قبل الجيش التركي لإشعال نار الحرب». وأضاف البيان: «سنقوم بالرد المناسب... في حال تكرار مثل هذه الاعتداءات». وتخشى تركيا من أن يؤدي تزايد نفوذ الأكراد في شمال سورية إلى إذكاء النزعة الانفصالية بين الأقلية الكردية على أراضيها. ويقاتل «حزب العمال الكردستاني» المحظور منذ ثلاثة عقود للحصول على حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرقي تركيا. وفي القدس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار ليلة الأربعاء - الخميس على مواقع للجيش السوري، رداً على سقوط قذيفة هاون في الشطر المحتل من هضبة الجولان أطلقت من الأراضي السورية. وأفاد بيان للجيش الإسرائيلي أن القذيفة سقطت بعد ظهر الأربعاء في منطقة غير مأهولة في الشطر الشمالي المحتل من الجولان من دون أن تسفر عن أي إصابات. ورداً على ذلك، شن الطيران الإسرائيلي غارات استهدفت مدافع هاون تابعة للجيش السوري في المنطقة نفسها، بحسب البيان الإسرائيلي. وفي الرابع من أيلول (سبتمبر)، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية استهدفت مواقع للجيش السوري في شمال هضبة الجولان، وذلك أيضاً رداً على سقوط قذائف هاون في الشطر المحتل من الهضبة السورية.