ضجت العاصمة الأميركية أمس، بإعلان مدير الاستخبارات الوطنية جايمس كلابر استقالته، بعد نحو عقدين قضاهما في العمل الحكومي متنقلاً بين إدارات الرؤساء بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما. واستبق كلابر باستقالته توليَ الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي واصل محاولاته تجاوز نزاعات بين المؤسسة الحزبية وفريقه حول تعيينات جديدة. وقبل 63 يوماً من تسليم أوباما الرئاسة إلى ترامب، أعلن كلابر أنه قدم استقالته أمام الكونغرس مع اقترابه من نهاية ولايته على رأس 17 وكالة استخبارات في البلاد. وقال أمام مجلس النواب: «قدمت رسالة استقالتي وأعطاني ذلك شعوراً جيداً». وبرر كلابر استقالته برغبته في التقاعد وتمضية وقت أكبر مع العائلة، لكنّ مراقبين أشاروا إلى خلافات مضنية خلال الانتخابات بينه وبين فريق حملة ترامب الذي رفض الإقرار بأن روسيا هي وراء أعمال قرصنة إلكترونية. كما أخذ على ترامب عدم تكتمه على تقارير سرية كانت تقدم إليه كتقليد متبع مع المرشحين إلى الرئاسة. وعكست الاستقالة مناخاً جديداً يسود العاصمة الأميركية، وسط تغييرات كبيرة متوقعة في مجال التعيينات الحكومية وفي المناصب الأمنية. وخيّم نوع من الغموض على وزارتي الدفاع والخارجية حول الفريق الجديد الذي سيتولى الدفة والسياسة الجديدة التي ستتبع، فيما أبلغت «الحياة» أوساطٌ في الخارجية الأميركية، أن ثمة حال إحباط تهيمن على الديبلوماسيين وتساؤلات حول برامج مساعدات واستراتيجيات من أوروبا الشرقية إلى المنطقة قد ينقلب عليها ترامب. وتدور التساؤلات خصوصاً حول منصب وزير الخارجية، مع تسريب أكثر من عشرة أسماء محتملة لتولي الحقيبة وصراع أجنحة بين ترامب والمؤسسة الحزبية الجمهورية والمتشددين والمعتدلين. والتقى الرئيس المنتخب في نيويورك أمس، بوزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، كما اجتمع بحاكمة كارولينا الجنوبية نيكي هايلي، التي أفادت شبكتَا «سي أن أن» و «أم أس أن بي سي» بأنها باتت مرشحة لمنصب وزيرة الخارجية. وتعتبر هايلي من الأسماء المعتدلة في الحزب الجمهوري وهي كانت نددت بدعوات ترامب لحظر دخول المسلمين، ورفضت سياسته إغلاق الباب في وجه اللاجئين. يأتي ذلك في وقت أصرت وسائل إعلام أميركية على ترجيح تولي رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني حقيبة الخارجية باعتباره المرشح الأوفر حظاً للمنصب، فيما استبعد السفير الأميركي السابق جون بولتون نتيجة فيتو جمهوري. وأفادت شبكة «أن بي سي» بأن الجنرال المتقاعد مايكل فلين ورد اسمه لتولي منصب مستشار الأمن القومي، وهو المنصب الذي لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. وفلين أحد خبراء الأمن القومي القلائل الذين ساندوا ترامب بشدة خلال الحملة ومن المؤيدين للتقارب مع روسيا، كما أن له علاقة قوية بتركيا. ورأس فلين بين عامي 2012 و 2014 وكالة استخبارات الدفاع، لكنه تخلى عن مهماته في أجواء متوترة بسبب خلافات مع الموظفين ومسؤولي الإدارة، وفق الإعلام الأميركي. وعقد ترامب أول لقاء مع قائد أجنبي هو رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وسط تشنج في الخطاب الأميركي مع الصين، وتعهد الرئيس المنتخب بأن يصنف بكين ك «متلاعب بالعملة»، ما يمهد لفتور في العلاقات. وبسبب الانقسامات الكبيرة داخل الصف الجمهوري حول السياسة الخارجية، وبين ترامب ونائبه مايك بنس في قضايا متعلقة بروسيا وحلف شمال الأطلسي، يتوقع أن يكون للكونغرس دور فاعل ومؤثر في البيت الأبيض لجهة الموافقة على شكل الإدارة المقبلة أو عرقلة تعيينات. في برلين، أعرب أوباما عن أمله بأن تكون لدى ترامب «إرادة مواجهة روسيا عندما لا تحترم قيمنا والمعايير الدولية»، وألا يسعى إلى تسويات بأي ثمن مع موسكو.