عبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن أسفه الشديد لعدم تجاوب اسرائيل مع «الدعوات الإجماعية» لتمديد قرار تجميد الاستيطان، ودعا الى اشراك الاتحادين الأوروبي والمتوسطي في مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، منتقداً انفراد الأميركيين بالإشراف على التفاوض، فيما طالب عباس اسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان «لثلاثة او اربعة اشهر». وقال ساركوزي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفلسطيني أمس في قصر الإليزيه، ان «قرار تجميد الاستيطان قائم منذ 8 أشهر، وكان يجب الإبقاء عليه لمنح المفاوضات كامل فرص النجاح». وأضاف «ينبغي وقف الاستيطان». وتابع انه أخذ علماً بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي دعا المستوطنين الى «ضبط النفس» غير انه اعتبرها «غير كافية» مشيراً الى انها «تسير في الاتجاه الصحيح لكنها لا تكفي». وانتقد ساركوزي المسار الذي لم يشهد أي تقدم ملموس منذ مؤتمر أنابوليس قبل ثلاث سنوات، مشيراً الى ان هذا النهج لم يعط النتائج المرتقبة. وأضاف انه لا يريد انتقاد أحد، ونوّه بجهود الرئيس باراك أوباما في اعادة اطلاق المفاوضات، لكنه رأى انه بعد 10 سنوات على مفاوضات كامب ديفيد لم يتم إحراز أي تقدم، لا بل شهد الوضع تراجعاً في استئناف الحوار. كما لفت الى مشكلة ثقة بين الأطراف المعنية. وكرر الرئيس الفرنسي قناعته بأن أفضل ضمانة لأمن اسرائيل تكمن في إنشاء دولة فلسطينية مدنية ديموقراطية وقابلة للحياة. وأضاف انه سيقول لنتانياهو انه يتفهم المشكلة التي يواجهها على صعيد ائتلافه الحكومي، لكنه سيؤكد أيضاً ضرورة إعطاء المزيد من الضمانات للرئيس الفلسطيني، إذ ان لعباس أيضاً مشكلة يواجهها حيال رأيه العام. ولفت الى انه على «نتانياهو ان يتقبل آلية مواكبة للمفاوضات من دون أن يشعر بأنه مهدد، وهذا ما سأقترحه عليه». وتابع ساركوزي «على اللجنة الرباعية وأعضائها ان يقوموا جماعياً وبشكل ملموس بدورهم في الرعاية، وعلى اوروبا، اكبر ممول للفلسطينيين والاتحاد المتوسطي المعني بهذا النزاع، وهذه ضرورة، المشاركة الآن في العملية السياسية». وأضاف «اننا لا نريد البقاء فقط متفرجين» مؤكداً «قررنا اتخاذ مبادرات خصوصاً انه ليس لدينا ما نخسره». وأكد أنه «ما من شيء يمكن أن يحول من دون انخراط حازم من قبل الولاياتالمتحدة» متسائلاً عما «إذا كان من الضروري أن يكون هذا الانخراط حصرياً. ولو كان ذلك كافياً لكنا لمسنا ذلك منذ كامب ديفيد». وتابع «لا يمكن أن يؤخذ على أوروبا رغبتها في المساعدة سياسياً على صعيد ملف يعنيها، لأن غياب السلام تترتب عليه نتائج، تدفع ثمنه من خلال المتطرفين الذين يغذون الإرهابيين، وبالتالي فإن الحضور على مستوى هذا الملف مبرر ومهم». واعلن ساركوزي انه سيلتقي الشهر المقبل في باريس رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال انه سيبحث معه هاتفياً اعتباراً من مساء الإثنين. وأكد انه سيلتقي ايضاً عباس والرئيس المصري حسني مبارك الذي يرأس معه الاتحاد المتوسطي، لإعداد القمة المقبلة لهذا الاتحاد المقررة نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأضاف انه اتفق مع عباس على ان المفاوضات تنقصها آلية لمراقبتها، وأنهما سيقدمان اقتراحات مشتركة لتوفير ضمانات لهذه المفاوضات. وأيد عباس كلام ساركوزي في دعوته الى إنشاء آلية تدعم عملية السلام، وأنها ستكون موضع بحث خلال القمة المرتقبة في باريس في تشرين الثاني المقبل في إطار القمة من أجل المتوسط، منوهاً بالسياسة الفرنسية التي تعمل من أجل حل عادل يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه، فضلاً عن الدعم الاقتصادي والسياسي والمالي من أجل المساعدة في إقامة الدولة الفلسطينية، وأضاف «لا بد من توسيع قاعدة المشاركة وإنشاء آلية ترافق عملية السلام، وتضم الجهات الراغبة في الوصول الى السلام». وطالب عباس نتانياهو بتمديد العمل بتجميد الاستيطان «لثلاثة او اربعة اشهر» لإعطاء فرصة لمفاوضات السلام. وأضاف «من الأولى برئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي اعطى تجميداً لمدة عشرة اشهر والمفاوضات متوقفة، اعطاء ثلاثة او اربعة اشهر والمفاوضات جارية» كي يتمكن الطرفان من احراز تقدم حول القضايا الأساسية. وأعلن عباس ان القيادة الفلسطينية لن يكون لها «رد فعل سريع» حيال استئناف البناء في المستوطنات مع انتهاء فترة التجميد، مشيراً الى ان القرار الفلسطيني سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية التي ستجتمع في مصر في الرابع من تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. وقال بهذا الصدد «بعد هذه الاجتماعات يمكن ان نصدر موقفاً يوضح الرأي الفلسطيني والعربي في هذا الشأن بعد رفض اسرائيل وقف الاستيطان». والتقى عباس لاحقاً رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون.