أعرب مسؤولون عراقيون وغربيون عن قلقهم من تزايد نفوذ تنظيم «داعش» الذي يسيطر على الحدود العراقية – السورية من خلال تمركزه في «ولاية الفرات»، ويقرون بأن الحملة العسكرية الجارية لاستعادة الموصل تشكل خطراً على الأنبار . ويسيطر «داعش» على ثلاث بلدات مهمة في المحافظة، هي عانة وراوة والقائم الواقعة على المثلث الحدودي مع سورية والأردن، وتمثل إلى جانب بلدة البوكمال السورية «ولاية الفرات» وهي «الولاية» الوحيدة التي تضم أراضيَ مشتركة بين الدولتين، ولم تتعرض حتى الآن لأي هجوم بري، وتعتبر عاصمة «داعش» السرية وملاذ نخبة قادته. وللمرة الأولى منذ تحرير الفلوجة في حزيران (يونيو) الماضي، انفجرت سيارتان مفخختان وسط المدينة، مساء أول من أمس أسفرتا عن قتل وإصابة حوالى 30 شخصاً، وطرح الحادث تساؤلات عن قدرات «داعش» على ضرب مراكز المدن، على رغم الإجراءات المشددة وانتشار قوات الأمن في المدن المحررة وعمليات التدقيق المعقدة والتحقيق مع العائدين إليها من النازحين. وقال شعلان النمراوي، وهو أحد شيوخ عشائر الأنبار في اتصال مع «الحياة» أن المحافظة «في خطر، والانتصارات التي تحققت قبل شهور ما زالت هشة والوضع معرض للانهيار لأن الجيش لا يسعى إلى تحرير ثلاث بلدات مهمة هي عانة وراوة والقائم. وفضلت الحكومة الذهاب إلى شمال البلاد وفتح جبهة الموصل». وأضاف أن «ولاية الفرات الداعشية هي الخطر الحقيقي الكامن على الأنبار وعموم العراق». واعتبر «أن سيطرة التنظيم على حدود دولية تمنحه القدرة على المناورة، وهو الآن يحشد عناصره الهاربين من كل صوب نحو الحدود العراقية – السورية، وبدأ فعلاً شن هجمات مباغتة في الرطبة والرمادي وأخيراً الفلوجة». ولفت إلى أن «أي عملية عسكرية في الموصل والأنبار ستكون بلا جدوى وتستغرق وقتاً طويلاً إذا لم تؤمن الحدود العراقية مع سورية، خصوصاً في الأنبار». وزاد أن «تقارير استخباراتية ترِد إلى مقاتلي العشائر تؤكد أن داعش يحشد جيشاً في بلدة القائم ويخطط لهجمات على بلدات حديثة والرطبة وهيت، وقد انسحبت القطعات العسكرية المحترفة من المحافظة الشهر الماضي مع انطلاق الحملة لاستعادة الموصل». وأفادت تقارير بأن المئات من عناصر «داعش» في الموصل يتسللون إلى الأنبار، عبر منطقة الجزيرة الصحراوية الشاسعة بين نينوى شمالاً وصلاح الدين شرقاً والحدود السورية غرباً، ويحكم «التنظيم سيطرته على هذه المنطقة الاستراتيجية على رغم واقعها الجغرافي الصعب». وتعول الأنبار على قاعدة «عين الأسد» الأميركية التي تقع بين بلدتي هيت وحديثة، لكبح جماح «داعش» في المحافظة وتأمين الحدود بطائرات «آباتشي» التي استخدمت للغرض ذاته خلال احتلال العراق عام 2003. إلى ذلك، أعلنت «قيادة العمليات المشتركة» أمس قتل تسعة أشخاص، بينهم سبعة من عناصر حرس الحدود وضابط ومدني واحد في هجوم شنه مسلحو «داعش» على أحد مقار الحرس على بعد 50 كلم من الحدود الأردنية عند مفرق طريبيل، وتم الهجوم بقذائف الهاون. وكانت السفيرة الأميركية لدى الأردن آليس ويلز أعلنت مطلع الشهر الجاري أن الأوضاع في غرب العراق وتحديداً في الأنبار المحاذية لحدود الأردن قد تصبح معقدة جداً بعد بدء المعركة البرية في الموصل، ودعت عمان إلى الحرص على الحدود. ونشر الأردن فعلاً قوات على الحدود، ما أثار حفيظة نواب عراقيين، إذ قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية اسكندر وتوت أمس أن «وجود هذه القوات من دون إذن من بغداد تجاوز على سيادة البلد».