أدى الخبر عن التوصّل لصنع أول مبيض بشري اصطناعي تاريخياً، إلى تجدّد النقاش عن العلاقة الشائكة بين التقدم السريع في علوم البيولوجيا والجينات من جهة، ومفاهيم أساسية إنسانياً مثل الأمومة والأبوة والعائلة والنسل والحرية الفردية وغيرها، من جهة ثانية. وعلى الموقع الإلكتروني ل «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم»، تهاطلت تعليقات من علماء ومفكرين، ترصد الإملاءات العلمية والفلسفية لهذا الأمر. رأى البعض أن ذلك يضع في يد المرأة أداة تزيد من تحكّمها في خصوبتها، وتالياً في مجمل حياتها وحريتها. وعلى عكس ذلك، أعرب البعض عن اعتقادهم بأن ظهور مبيض اصطناعي يزيد من حال «الإرباك» السائد حول الركيزة الجسدية للأنثى والأم، على غرار ما يحصل بالنسبة للرحم المستأجر حيث يجرى تنازع الأمومة بين من كانت بيوضتها (التي يلقحها شريكها) هي الأساس في الجنين، وبين التي احتضن رحمها ذلك الكائن طيلة الحمل. ولأن الحمل يتضمن الكثير من المشاركة بين الجنين والأنثى التي تحمله، يبدو النقاش حول هذا الأمر معقداً. فكيف إذا أُضيف إليه بُعد شائك مثل المبيض الاصطناعي؟ وبالعودة الى الإنجاز الضخم نفسه، فقد صنّع علماء من جامعة براون الأميركية أخيراً أول مبيض بشري اصطناعي. وبسرعة، ترددت أصداء الاكتشاف في أرجاء المعمورة. ونُظر إليه باعتباره إنجازاً موازياً لاستنساخ النعجة «دوللي» (1997) والتعرّف الى شيفرة الكائن الإنساني (2001). ولم يفصل هذا الإنجاز سوى يوم وحيد، عن التوصّل لصنع جلد اصطناعي. ولم يشابه الجلد الاصطناعي «أصله» الطبيعي إلا في مناحٍ قليلة، خصوصاً القدرة على الإحساس ونقله. وفي المقابل، يمتلك المبيض الاصطناعي قدرات تتضمن قابليته لإنضاج البيوض الإنثوية، والوصول بها الى مرحلة تصبح فيها مؤهلة للتلقيح. وقدّم علماء جامعة براون، المتخصصة في البحوث عن المرأة والطفل، هذا المبيض الاصطناعي باعتباره طفرة في بحوث الخصوبة، خصوصاً أنه يشكّل حلاً للنساء اللواتي يصبن بالسرطان، واللواتي تصاب مبايضهن بأثر من الأشعة والأدوية الكيماوية المستخدمة في علاجه. وبيّنت البروفسورة ساندرا كارسون أنها المرة الأولى التي يتوصل فيها العِلم الى صنع مبيض يحتوي الأنواع الثلاثة من الأنسجة التي يحتويها مبيض المرأة طبيعياً. وأشارت الى ان فريقها لم يكتف بصنع مبيض يحتوي التركيب الثلاثي لأنسجة المبيض، بل عمل على أن ينظّم تراكيبها بما يتماثل مع حالها في المبيض طبيعياً. ونشر إنجاز كارسون وفريقها في مجلة «جورنال أوف أسيستد ريبروداكشن أند جيناتكس» Journal of Assisted Reproduction and Genetics (مجلة الوسائل المساعدة في الإنجاب والجينات). وأوضحت كارسون أيضاً ان المبيض الاصطناعي يصلح أداة لمراقبة تطوّر الاضطرابات والأمراض التي تُصيب المبيض وما ينتجه من بيوض إنثوية، التي تعتبر مصدر تهديد مزمن للمرأة وخصوبتها. ونوّهت بقدرة هذا العضو الاصطناعي على حفظ بيوض النساء أيضاً، إذ بات مستطاعاً استخراج هذه البيوض في حال تعرضها للخطر (أدوية، أشعة...)، وانضاجها اصطناعياً خارج جسد المرأة. وأشارت كارسون الى أن هذا الإنجاز استند الى اختراق علمي حدث في شهر آب (أغسطس) الفائت على يد العالِم الأميركي جيفري مورغان، الذي تمكن من صنع مادة اصطناعية تستطيع احتضان خلايا اصطناعية، وإعطاءها التراكيب التي يرغب العلماء فيها. واستُعملت أنسجة بشرية أخذت من إحدى المتبرعات، في عملية تصنيع المبيض. وتمثّل التحدي فعلاً في جعل المبيض الاصطناعي قادراً على إنتاج البويضات وإنضاجها، انطلاقاً من خلايا أولية في أنسجته. للمزيد من المعلومات، من المستطاع الرجوع الى موقع جامعة براون على الإنترنت «براون. إديو» brown.edu.