سعى «المؤتمر الإقليمي للبرلمانيين العرب في مجال العلوم والتكنولوجيا» الذي عقد في دمشق أخيراً، إلى اطلاع البرلمانيين على أفضل الطرق والأساليب المتبعة في عدد من البرلمانات، بالنسبة لتناول مسألة التطوّر في العلوم والتكنولوجيا. وهدف المؤتمر لزيادة التفاعل بين برلمانات العرب والخطط التنفيذية التي تُعدّها المعاهد الوطنية في بلدانهم. واستمرت جلسات المؤتمر يومين متتاليين. وقد نظّمه مجلس الشعب السوري، بالتعاون مع «المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» (إيسيسكو) ومكتب «اليونسكو الإقليمي للعلوم في الدول العربية». وقال منظمو المؤتمر إنه يهدف إلى تعزيز جهود المؤسسات التشريعية ومبادراتها في سن قوانين وتشريعات تساعد على دعم التطوّر في العلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى مراقبة السياسات الحكومية في هذا المجال. وأكّد ممثل مجلس الشعب السوري في المؤتمر فاروق أبو الشامات أن واقع البحث العلمي في الوطن العربي لا يتناسب مع الإمكانات البشرية والمادية الكبيرة المتوافرة فيه، ما يستدعي إزالة الصعوبات التي تقف حائلاً دون الانخراط الفعّال في البحث العلمي، والتطوّر المستمر في هيئات المجتمع ومؤسساته كافة. ولاحظ أبو الشامات أهمية خلق ثقافة البحث العلمي من خلال إعلاء شأن التفكير والتأمل والإبداع، وكذلك إيجاد المناخ المناسب للبحث العلمي في الدول العربية جميعها. وشدّد على ضرورة صوغ رؤية استراتيجية للبحث العلمي في الوطن العربي تكفل تكامل الجهود البحثية والتنسيق بين المراكز العلمية العربية، كي تصبّ جهودها في اتجاه رسم معالم نهضة علمية متطورة معاصرة. وحضّ القطاع الخاص على تبني مشروعات البحوث، ودعم الباحثين وتمويلهم، والاهتمام بإنشاء مزيد من مراكز البحوث ومنظوماته. وشارك في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان «اعتماد وتنفيذ خطة عمل إقليمية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار»، اللجان العلمية في برلمانات دولة الإمارات العربية المتحدة والجزائر والعراق وليبيا والمغرب واليمن وفلسطين والأردن ومصر وتونس وسورية، إضافة إلى حضور مراقبين من الاتحاد الإفريقي والدنمارك وانكلترا وفرنسا. وحضر جلسات المؤتمر ممثلون عن معاهد البحوث في التعليم العالي ومؤسسات القطاع الخاص وهيئات المجتمع الأهلي في سورية. المال عصب البحث العلمي ودعا رئيس وحدة العلوم في مكتب «يونسكو» الإقليمي في القاهرة نزار محمد حسن، إلى زيادة الإنفاق على البحث العلمي لمواكبة التقدّم المتسارع عالمياً في التكنولوجيا، والانتقال من استيراد التكنولوجيا إلى توطينها وإنتاجها وتصديرها مستقبلاً. وقالت عائشة بامون من إدارة العلوم في «إيسيسكو»: «هناك دور أساسي يمكن للمؤسسات البرلمانية أن تحققه عِبر الديبلوماسية البرلمانية، لدعم مسيرة الثورة العلمية والتكنولوجية والتنمية المستدامة... التنمية المستدامة تتطلب تضافر جهود الدول والبرلمانات لتحقيق التقدّم العلمي للشعوب كافة». وطالب نائب رئيس البرلمان العربي منصور الزنداني بزيادة تمثيل الباحثين والعلماء في البرلمانات العربية. ودعا رئيس لجنة الخارجية والحدود في البرلمان المغربي علي سالم الشكاف إلى بذل الجهود للتحوّل إلى الحكومات الالكترونية وخلق منتدى عربي لدعم التكنولوجيا والابتكار. وركزت جلسات المؤتمر على السياسات والمعطيات الإحصائية المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية والتجارب العالمية الناجحة والدروس المستخلصة. وشدد عدد من المتحدثين في الجلسات على ضرورة التواصل مع الباحثين للاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والاهتمام بالعلماء وتخصيص مراكز دراسات علمية متخصصة والاستفادة من التجارب العالمية وتطبيقها في الدول العربية، بما يتوافق مع الواقع والإمكانات حاضراً. وأطلع مدير «مركز العلوم والتكنولوجيا» في البرلمان البريطاني، وهو مركز يعتني بعلوم الفيزياء والطب والطاقة والبيئة، الحضور على تجربة مركزه في طُرُق التعامل مع القضايا العلمية، وخصوصاً تحديد المشاكل والأولويات والآليات على المديين القريب والبعيد. وتحدث عضو «المجلس الدنماركي الأعلى للتكنولوجيا» لارس كلوفر عن تجربة الاتحاد الأوروبي في تقويم العلوم والتكنولوجيا، ودور الشبكة الأوروبية للتعاون التكنولوجي، في تقويم التكنولوجيا واستراتيجياتها وتحليل مشاكلها والسُبُل التي تكفل إزالة العوائق أمام تقدّمها. واعتبر كلوفر أن التحليل من أهم الوظائف التي تنهض بها مكاتب تقويم التكنولوجيا في أوروبا. وشدّد على أن المعلومات وقواعد البيانات تعتبر من أهم طرُق تقويم التكنولوجيا في البرلمانات، إضافة إلى جلسات الاستماع البرلمانية ووسائل الإعلام والحوارات المفتوحة والبحوث والدراسات العلمية. وتتيح تلك الأمور مجتمعة إشراك المعنيين في العمل، وتحقيق نوع من الإجماع حول تطوّر المجتمع. وأوضح كلوفر أن تأثير مساهمة البرلمانات يتصاعد مع زيادة المعرفة، وتصاعد القدرة على تشكيل المواقف، وكذلك إطلاق حوارات قوية بهدف بلوّرة أفضل الأفكار.