واصل اليمين الإسرائيلي المتشدد الذي يقوده حزب المستوطنين «البيت اليهودي» والمعسكر المتطرف داخل «ليكود» الحاكم احتفاله بوصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ليصعّد بالتالي مطالبته رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بالإسراع في استئناف البناء في المستوطنات «بلا وجل» وفي شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية في قلب الضفة الغربيةالمحتلة التي أقيمت من دون إذن رسمي من الحكومة في مقدمها مستوطنة «عمونه»، ويعيد طرح مشروع قانون لمنع رفع الآذان في المساجد من خلال مكبرات الصوت على اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. ولفت مراقبون محليون إلى أن أقطاب المعسكر اليميني المتطرف يشعرون بالنشوة من فوز الرئيس ترامب ويعتقدون أنها «الفرصة سانحة لتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية» معتمدين على تصريحاته خلال حملته الانتخابية ورفضه اعتبار احتلال الضفة الغربية احتلالاً. وكانت الدلالات الأولى لهذا التصعيد في أوساط قادة المستوطنين قيام زعيمهم رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينيت وزميلته وزيرة القضاء أييلت شاكيد بعقد اجتماع أمس مع نتانياهو بحضور وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لبحث طلب «البيت اليهودي» بطرح مشروع قانون «تسوية مسألة الاستيطان»، أي إضفاء الشرعية على آلاف المنازل لمستوطنين أقيمت من دون إذن رسمي بعضها على أراضٍ فلسطينية خاصة مثل مستوطنة «عموناه»، على اللجنة الوزارية للتشريع في جلستها القريبة، بعد غد الأحد. لكن نتانياهو، وبدعم من المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت الذي يرى أن مشروع القانون هذا غير دستوري وقد تلغيه المحكمة العليا في حال سنّه، نجح في إقناع بينيت بعرض المشروع بدايةً على رؤساء كتل الائتلاف الحكومي للبت فيه قبل أن تناقشه اللجنة الوزارية للتشريع. ولفت محلل الشؤون الحزبية في الإذاعة العامة حنان كريستال إلى أن نتانياهو الذي لا يؤيد القانون بات يخشى في الوقت ذاته أن يظهر في عيون «المعسكر القومي» أقل تطرفاً من بينيت، يبني حساباته على معارضة كتلة حزب «كلنا» بزعامة وزير المال موشيه كحلون لمشروع القانون، ما يعني عدم توافر غالبية برلمانية لتمريره في الكنيست. وتوقع أن يعاني نتانياهو من اليوم فصاعداً من وزيره بينيت واقتراحاته المتطرفة، سعياً لكسب عطف اليمين المتطرف على حساب تأييد الأخير لنتانياهو. وكان بينيت أول وزير في الحكومة الإسرائيلية رحب بل هلل بفوز ترامب واعتبر انتصاره نهاية لعهد الدولة الفلسطينية. وذكرت تقارير صحافية أن استعجال بينيت في إرسال التهنئة أثار حنق نتانياهو الذي سارع مسؤولون في مكتبه إلى مهاتفة بينيت وسائر الوزراء الذين سبقوا رئيس الحكومة في التعليق على الانتخابات لتوبيخهم على أن المتعارف عليه أن يكون رئيس الحكومة أول من يعقب على نتائج الانتخابات، فضلاً عن أن نتانياهو سبق أن أمر وزراءه بعدم التطرق للانتخابات في العلن. وأشار معلقون إلى أن فوز ترامب شحن وزراء ونواب اليمين المتشدد بطاقات متجددة سواء في معركتهم ضد إخلاء مستوطنة «عمونه» بحسب قرار المحكمة، أو المبادرة لتشريع قوانين متطرفة أخرى. وكان النائب من «البيت اليهودي» موطي يوغيف عقد مساء أول من أمس جلسة خاصة في الكنيست لأترابه ول «اللوبي من أجل أرض إسرائيل» احتفالاً بفوز ترامب أعلن في بدايتها أنه يتوقع «مستقبلاً أفضل لأرض إسرائيل في ظل الرئيس ترامب». وقال النائب من «ليكود» ميكي زوهر، إنه يجدر الانتظار حتى دخول الرئيس رسمياً البيت الأبيض «وعندها سندفع بخطوات كبيرة تدعم الاستيطان». ودعا زميله اورن حزان رئيس الحكومة إلى استئناف البناء فوراً في المستوطنات «بلا وجل» لأن الرئيس المنتخب يؤيد البناء، ولأنه «في الولاياتالمتحدة الجديدة يقولون الأمور التي نحلم بها». وأضاف نائب آخر: «على رئيس الحكومة أن يستأنف البناء مع سقوط ذريعة أن إسرائيل تخشى رد الرئيس باراك أوباما». ودعا النائب من «ليكود» يوآف كيش زعيم حزبه رئيس الحكومة إلى التصرف من الآن فصاعداً وفقاً للفرصة التاريخية التي جاءت بها نتائج الانتخابات الأميركية، واستئناف البناء و «التراجع عن فكرة الدولتين الخطيرة، والسعي بدلاً منها إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية». إلى ذلك، تنظر اللجنة الوزارية للتشريع بعد غد الأحد في مشروع القانون الذي قدمه النائب موطي يوغيف (البيت اليهودي) ونائبان من «ليكود» وآخر من «كلنا» بحظر استخدام مكبرات الصوت في أماكن العبادة، عانياً أساساً رفع الأذان في المساجد بداعي أن «الضجيج الصادر عن مكبرات الصوت يمس بجودة حياة الناس الذين يجاورون المساجد». وادعى يوغيف في تبريره تقديم مشروع القانون أن «حرية العبادة لا يجب أن تمس بجودة الحياة، وعليه يجب حظر استعمال المكبرات لدعوة الناس إلى الصلاة أو لنقل رسائل دينية أو قومية أو أحياناً تحريضية». وكان المركز الإسرائيلي للديموقراطية حذر قبل أشهر من أن تشريع مثل هذا القانون «لأنه يمس بجمهور المسلمين ويوسع الشرخ ويعرض العلاقات بين المسلمين وجيرانهم اليهود إلى التوتر والمشاحنة» داعياً الحكومة إلى رفضه.