رفض الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أمس بغالبية كبيرة من أعضائه (69 نائباً في مقابل 22) مشروع قانون قدمه اليمين المتطرف لشرعنة الاستيطان على أراضٍ فلسطينية خاصة في الضفة الغربيةالمحتلة. وتحققت الغالبية بفعل تهديد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وزراء ونواب وزراء بإقالتهم من منصبهم في حال صوتوا إلى جانب القانون، خلافاً لموقف الحكومة المعارض تشريعه. واختار الوزراء الذين أعلنوا سابقاً دعمهم القانون التغيب عن التصويت، بينهم وزيران من حزب «ليكود» الحاكم ووزراء حزب «شاس» الديني المتطرف. في المقابل، التزم نتانياهو نقل المباني السكنية الخمسة في «حي هأولباناه» في مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله إلى موقع قريب يسيطر عليه جيش الاحتلال منذ 40 عاماً، من دون هدم هذه المنازل كما أمرت المحكمة الإسرائيلية العليا. كما التزم بناء نحو 300 شقة سكنية جديدة في مستوطنة «بيت إيل» تعويضاً للمستوطنين عن نقل المباني الخمسة، بعد أن أعلن الأحد الماضي أنه في مقابل كل بيت يتم إخلاؤه سيتم بناء عشرة بيوت جديدة في المستوطنات القائمة منذ عشرات السنين التي تعتبرها إسرائيل «قانونية». كما تجاوب نتانياهو مع مطلب معسكر اليمين سحب صلاحية البت في الاستيطان من وزير الدفاع ايهود باراك. وتراجع زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عن تهديده بتأييد القانون، وأعلن قبل دقائق من التصويت أن نواب حزبه سيصوتون ضد القانون بداعي أن الحل البديل الذي اقترحه نتانياهو «مقبول، خصوصاً أن رئيس الحكومة التزم بناء بيوت جديدة في مستوطنات الضفة الغربية في مقابل نقل المنازل الخمسة». كذلك أشار ليبرمان بارتياح إلى قرار نتانياهو تشكيل لجنة وزارية برئاسته لمتابعة مسألة الاستيطان، ما عنى سحب صلاحيات البت في هذه المسألة من باراك الذي سبق لليبرمان ووزراء من اليمين المتطرف أن طالبوا رئيس الحكومة بسحب هذه الصلاحية منه. واعتبر مراقبون قرار نتانياهو هذا «قطعة حلوى» قدمها نتانياهو إلى ليبرمان وسائر الوزراء المناهضين لسياسة باراك الاستيطانية (التي تقضي بعدم السماح باستيطان من دون تصريح رسمي من الحكومة). وهدد المستوطنون في المباني الخمسة (30 عائلة) بمعارضة إجلائهم بالقوة. وواصل بعضهم تظاهراته الاحتجاجية ضد نقل المباني الخمسة، وحاول إغلاق طرق رئيسة في القدس، فيما توعد مستوطنو بؤرة «ميغرون» بمواجهات عنيفة مع الجيش في حال أقدم على إخلائهم تنفيذاً لقرار المحكمة الذي قضى بهدم البؤرة حتى موعد أقصاه نهاية الشهر المقبل. ودعا المستوطنون في «هأولباناه» جمهور المستوطنين إلى حشد عدد كبير لمواجهة نقل المباني. وتراكمت قرب المباني مئات الإطارات المطاط لحرقها أثناء نقل المباني. وهاجم أقطاب المستوطنين ونواب في المعسكر اليميني المتطرف الوزراء والنواب الذين «انبطحوا أمام ضغوط نتانياهو»، وتراجعوا عن تأييد قانون شرعنة الاستيطان، ووصفوهم ب «الأرانب والخونة»، متوعدين رئيس الحكومة بإسقاطه في الانتخابات المقبلة. وقالت صحيفة تنطق بلسان المستوطنين المتطرفين إن نتانياهو سيواجه المصير نفسه الذي واجهه رئيس الحكومة السابق أرييل شارون في أعقاب انسحابه من قطاع غزة عام 2005 (في إشارة إلى الجلطة الدماغية التي أدخلته مطلع عام 2006 في غيبوبة لم يخرج منها إلى الآن). وكان نتانياهو تسلح بخطر تعريض إسرائيل إلى محاكمة جنائية دولية في حال أقر الكنيست قانوناً يشرعن الاستيطان في أراضٍ فلسطينية محتلة خاصة أفلتت من المصادرة.