تحوّل التشاؤم تجاه مصير المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الذي طغى على عناوين الصحف العبرية صباح أمس، إلى «تفاؤل حذر» في ساعات الظهر عزت وسائل الإعلام مصدره إلى تصريحات أدلى بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) في لقاء جمعه بممثلين عن المنظمات اليهودية الأميركية، غالبيتهم من أنصار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، فهم منها مستمعوه أنه عدل عن التهديد بالانسحاب من المفاوضات في حال استأنفت إسرائيل البناء في مستوطنات الضفة الغربية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مشارك في اللقاء وثّق أقوال عباس خطياً أن الأخير «حاول إبداء مرونة كبيرة قدر المستطاع لإقناع القادة اليهود بجدية نياته وبرغبته في السلام مع إسرائيل». وأضاف ان عباس تطرق إلى البناء في المستوطنات في بداية حديثه قائلاً: «لا أستطيع القول إنني سأترك المفاوضات فور انتهاء فترة تجميد البناء، لكن سيكون صعباً مواصلة المفاوضات في حال أعلن نتانياهو استئناف البناء»، مضيفاً انه يمكن التغلب على مسألة الاستيطان من خلال الشروع في مناقشة مسألة الحدود وترسيمها ليعرف الإسرائيليون أين يمكنهم البناء. وأوضح المشارك ان عباس لم يهدد بترك المفاوضات مع انتهاء فترة تعليق البناء، بل طرح مقاربة معتدلة أكثر من الماضي، مبقياً نافذة لمواصلة المفاوضات. وأشار إلى أن عباس تحدث بلغة ايجابية عن نتانياهو واعتبره «شريكي لتحقيق السلام». وزاد أن أسئلة المشاركين تركزت في معظمها على قضية الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وجدية نياته في التوصل إلى سلام مع إسرائيل. ووفقاً للصحيفة، فإن عباس رد قائلاً: «إن الوجود اليهودي في المنطقة منذ آلاف السنين أمر مثبت، والحديث عنهم وعن وجودهم ورد في القرآن الكريم في ثلث سوره». لكنه اضاف أنه «لا ينبغي أن تتحول عملية السلام إلى سجال تاريخي وديني، لأنه سيكون عسيراً حل الصراع». وزاد ان السلطة الفلسطينية تعترف بإسرائيل بحسب اسمها في الأممالمتحدة، «وفي حال غيرت إسرائيل اسمها في الأممالمتحدة ليتضمن مصطلح دولة يهودية، فإن السلطة الفلسطينية ستعترف بإسرائيل بحسب اسمها الجديد». في غضون ذلك، قرر الرئيس شمعون بيريز تمديد زيارته لنيويورك حتى الأحد المقبل ليشارك في الجهود الأميركية لإيجاد مخرج لمسألة انتهاء فترة تجميد البناء. وأفادت وسائل الإعلام العبرية ان بيريز يأخذ في حساباته إمكان ممارسة ضغط على عباس للحيلولة دون وقف المفاوضات. وقالت مصادر فلسطينية لصحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية ان الاجتماع الذي جمع عباس وبيريز الاثنين الماضي كان ودياً، وأن عباس رد على توجه بيريز له بأن يأخذ في حساباته الصعوبات التي يواجهها نتانياهو مع ائتلافه اليميني بالقول إنه هو أيضاً يواجه صعوبات داخلية ستحتم عليه الانسحاب من المفاوضات في حال استأنفت إسرائيل البناء في المستوطنات. وأكدت الصحف الإسرائيلية أن الإدارة الأميركية تعمل ساعات إضافية بحثاً عن «حل خلاّق» لمسألة الاستيطان يحول دون حصول أزمة. ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر أميركية قولها إن الإدارة الأميركية تشعر بخيبة أمل من رفض نتانياهو الحلول الوسط في مسألة البناء مثل مواصلة تجميده لأشهر أخرى. وقال مسؤولون أميركيون لنظرائهم الإسرائيليين: «نقلنا رسالة إلى عباس تدعوه إلى عدم الانسحاب من المفاوضات، لكن في حال توقفت المحادثات، فسنعتبر نتانياهو مسؤولاً عن ذلك». وأكدت التقارير الصحافية ان الاجتماعات التي تمت في نيويورك في اليومين الأخيرين بين مسؤولين إسرائيلين وفلسطينيين وأميركيين، لم تفض إلى أي نتيجة، وأن الطريق ما زال مسدوداً. إلى ذلك، أكد وزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية أن البناء في المستوطنات سيُستأنف غداة انتهاء فترة التعليق. وقال النائب الأول لرئيس الحكومة القطب البارز في حزب «ليكود» الحاكم موشي يعالون في مقابلة صحافية أن تجميد البناء في المستوطنات سينتهي الأحد المقبل كما هو مقرر. وأضاف أن قرار الحكومة قبل عشرة اشهر بتعليق البناء في المستوطنات، نصّ بوضوح على أن «الحكومة ستعاود تطبيق سياسة الحكومات السابقة في مسألة البناء في يهودا والسامرة، وهذا قول قاطع الوضوح». وشكّك يعالون في جدية رئيس السلطة الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق شامل، وقال إن عباس «لم يتخلَّ عن «نظرية المراحل» التي تقضي بأن كل خطوة تعيد أرضاً للفلسطينيين هي خطوة مقبولة نحو إعادة الأرض كلها». وطالب يعالون رئيس السلطة الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. وقال وزير البنى التحتية عوزي لنداو أنه «ابتداءً من انتهاء موعد التعليق سنباشر البناء في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، لماذا؟ لأنها تابعة لنا». من جهته هاجم الوزير يولي ادلشتاين (ليكود) وزير الدفاع ايهود باراك على محاولاته ايجاد صيغة تتيح مواصلة المفاوضات من خلال مواصلة تجميد البناء، وقال إنه واثق من أن هذه المحاولات ستفشل «وإن لم تفشل فسنفشلها نحن». وقال زعيم حركة «شاس» الدينية الشرقية المتطرفة نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي إنه «لن يكون هناك أي نوع من تجميد البناء، لا تجميد خفيفا ولا تجميد كاملا ... علينا أن نقول للأميركيين: أنتم أصدقاء أعزاء ونحترمكم جداً، لكن يؤسفنا أن ليس في مقدورنا التجاوب معكم».