تبادل زعماء أحزاب سياسية مغربية اتهامات بالابتزاز والضرب تحت الحزام، على خلفية تعثر مساعي رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران في تشكيل حكومة بعد مرور نحو شهر على تكليفه من الملك محمد السادس. ووعد بن كيران حزبه بالنصر، مؤكداً أن «روح الشعب وإرادته كانتا مع العدالة والتنمية» خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة. وخاطب أعضاء اللجنة الوطنية للحزب في الرباط قائلاً «ستنتصرون وأحد لا يستطيع هزيمتكم إلا إذا أتى بما هو أفضل منكم وأكثر صلاحاً وإرادة للإصلاح»، مستدلاً بالنتائج التي حصل عليها الحزب خلال الانتخابات الاشتراعية الشهر الماضي. وكان حزب «العدالة والتنمية» تصدر نتائج الانتخابات الاشتراعية بحصوله على 125 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغ عددها 395. ونجح بن كيران في ضم حزبي «الاستقلال» (46 مقعداً) و «التقدم والاشتراكية» (12 مقعداً) إلى صفوفه، لكن ذلك التحالف لا يضمن له المقاعد الكافية لتأمين غالبية برلمانية، ذلك ان مجموع مقاعد الأحزاب الثلاثة هو 183 مقعداً، فيما يتطلّب تشكيل التحالف الحكومي 198 مقعداً على الأقل. وتقول المصادر إن التحدي الأبرز الذي يواجه بن كيران يكمن في التوفيق بين تحقيق نصر سياسي تاريخي يجمع للمرة الأولى الإسلاميين بأحزاب الحركة الوطنية المعروفة تحت اسم «الكتلة» وهي: «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال» و «التقدم والاشتراكية»، وبين ضمان غالبية برلمانية مريحة في ظل تململ زعيم «الاتحاد الاشتراكي» إدريس لشكر. وقال بن كيران إنه لن يخضع للابتزاز، مشدداً على أنه سيعود للملك في حال فشله في الحصول على غالبية. ويواجه بن كيران صعوبات في إقناع حزبي «تجمع الأحرار» (37 مقعداً) و «الحركة الشعبية» (27 مقعداً) بالدخول في تحالفه الحكومي كما كان عليه الحال في الحكومة المنتهية ولايتها. وسربت أوساط قريبة من «العدالة والتنمية» الإسلامي أن زعيم «تجمع الأحرار» عزيز أخنوش يرفض الدخول في حكومة إلى جانب «الاستقلال»، كما تحدثت عن طرحه خلال مشاوراته مع رئيس الوزراء المكلف حذف الدعم المالي الذي يمنحه بن كيران للأرامل كشرط للتحالف معه». ووصف حزب أخنوش تلك الاتهامات ب «الأكاذيب التي تهدف إلى زرع الفرقة لخدمة حسابات سياسية ضيقة»، مستنكراً «المستوى غير الأخلاقي للهجمات والضرب تحت الحزام من دون مبرر». وشدد أن الحزب وقف دوماً الى جانب الفئات المهمشة. ودافع الحزب الليبرالي الذي استقال زعيمه السابق صلاح الدين مزوار بعد انهيار نتائجه في الانتخابات الاشتراعية الأخيرة عن أداء وزرائه في حكومة بن كيران الثانية التي تشكلت عام 2013، بعد انسحاب وزراء «الاستقلال»، معتبراً أن «هذه الهجمات البائسة التي تضرب بعرض الحائط الغاية من العمل السياسي لن تثنينا عن خدمة المغاربة». في المقابل، شن حزب «الاستقلال» هجوماً شديداً ضد أخنوش الذي يشغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري في الحكومة المنتهية ولايتها، معتبراً أنه يتحمل مسؤولية سياسية في ما حدث لبائع السمك محسن فكري الذي سحق حتى الموت في ناقلة للنفايات. ولمحت صحيفة «العلم» الناطقة باسم الحزب إلى ضغوط يمارسها أخنوش لجهة عدم استصدار مواقف ضده في هذه القضية. ورأت أن المغاربة «ينتطرون الاكتفاء بالزج بالصغار في غياهب السجون لجبر الخواطر وتهدئة النفوس، ولكن الرأي العام ينتظر أن يتحمل الكبار مسؤوليتهم السياسية في ما حدث». وعبر زعيم «الحركة الشعبية» امحند العنصر عن شعور حزبه بالابتزاز في قضية تشكيل الحكومة، مشيراً الى أن بن كيران لا يمكنه أن يفرض تحالفاً يضم «الاستقلال» على أحزاب لا تشاركه ذات التوجه، مطالباً بالعودة إلى التحالف المشكل للحكومة المنتهية ولايتها. لكن رئيس الوزراء المكلف أكد أن التحالف مع «الاستقلال» خط أحمر دونه العودة إلى بيته. وينذر التراشق الكلامي بين زعماء الأحزاب السياسية بتعطيل مشاورات تشكيل الحكومة، في وقت يعد فيه المغرب لاستضافة مؤتمر المناخ الثلثاء المقبل، في مراكش بمشاركة رؤساء دول.