أطاحت الانتخابات الاشتراعية التي أُجريت الجمعة الماضي في المغرب، أول زعيم سياسي بعد تراجع حزبه إلى مرتبة متدنّية مقارنة بالاستحقاقات السابقة. وأُعلن في الرباط عن تقديم زعيم حزب «تجمع الأحرار» صلاح الدين مزوار، استقالته بعدما تراجع حزبه إثر فقدانه 19 مقعداً برلمانياً، إذ حصل على 37 مقعداً مقابل 52 حازها في انتخابات عام 2011. وقال مصدر في الحزب إن النتائج «صادمة»، مشيراً إلى «نزيف وجب وقفه»، لكنه رفض تحميل المسؤولية الكاملة لمزوار، موضحاً أن عدداً من أعضاء الحزب ترشّح عن أحزاب منافسة في الاستحقاق الأخير. ولفت المصدر إلى أن المكتب السياسي بعد انعقاده أول من أمس، رفض استقالة مزوار من دون توضيح خلفياتها. لكنه ألمح إلى انشغال زعيم الحزب بالترتيبات الجارية لاستضافة المغرب في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، المؤتمر الدولي للمناخ «كوب 22» في مراكش. بيد أن مصدراً مستقلاً ربط بين الاستقالة والانهيار المدوي ل«تجمع الأحرار» في الانتخابات. ولم يصدر عن الحزب أي بيان رسمي عقب اجتماع مكتبه السياسي، ليؤكد استقالة زعيمه أو ينفيها، كما لم يوضح موقفه من التحالف مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الإله بن كيران، في حال عيّنه الملك محمد السادس لولاية ثانية. ومزوار هو وزير الخارجية في الحكومة المنتهية ولايتها، كما سبق أن تولى وزارة المالية والاقتصاد في حكومة عباس الفاسي. وتلقي استقالة مزوار بحجر لتحريك المياه الراكدة على ساحة الأحزاب السياسية. ويعول منتسبون إلى اليسار المغربي الذي هوت نتائجه في شكل دراماتيكي خلال الانتخابات الاشتراعية، على استقالة مزوار لممارسة ضغط على زعمائهم يفضي بهم أيضاً إلى الاستقالة. وانتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف خصوصاً، زعيمي حزبي «الاتحاد الاشتراكي» إدريس لشكر، و«الاستقلال» حميد شباط. لكن أياً من الزعيمين لا ينوي فعل ذلك وفق مصادر مقربة منهما. ويعتبر «الاتحاد الاشتراكي» الحزب الذي قاد التناوب السياسي الأول في المغرب على عهد الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1998، بقيادة عبدالرحمن اليوسفي. وهوت نتائجه في الاقتراع الأخير، بعدما حصل على 20 مقعداً (39 في عام 2011)، في حين انتقل حزب «الاستقلال» العريق من 60 مقعداً في عام 2011 إلى 46 مقعداً في 2016. كذلك، اتسعت مطالب الاستقالة لتشمل نبيلة منيب، زعيمة «الحزب الاشتراكي الموحد»، التي فشلت في الحصول على مقعد في القائمة الوطنية، وترشحت باسم «فيديرالية اليسار الديموقراطي» التي شاركت في الانتخابات للمرة الأولى من عقود، وقدمت نفسها على أنها «خط ثالث» بعيداً من القطبية بين الإسلاميين والليبراليين. في غضون ذلك، بدأ رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الإله بن كيران، يجسّ نبض زعماء الأحزاب المرشحة للدخول معه في ائتلاف حكومي. وذكرت مصادر مأذون لها، أن مشاورات غير رسمية انطلقت مع أحزاب في الموالاة والمعارضة. ويحاول حزب «العدالة والتنمية» تجربة صيغة لجذب أحزاب الكتلة، التي تضم «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» و«التقدم والاشتراكية»، إلى صفه. ويعتبر الحزب الأخير حليفاً وثيقاً ل«العدالة والتنمية»، لكنه غير كافٍ لتأمين غالبية برلمانية. وقال قيادي بارز في «العدالة والتنمية»، أن يد الحزب ممدودة الى كل القوى الإصلاحية والديموقراطية المستقلة الإرادة في البلد. ودعا إلى بناء «جبهة وطنية بهدف توسيع القاعدة الاجتماعية للإصلاحات» من أجل «استكمال مسلسل الانتقال الديموقراطي وتأمين المسار الإصلاحي». وكان يُفترض أن تجتمع الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» أمس في الرباط، للبحث في صيغة التحالفات المستقبلية.