كلّف رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، في أعقاب انتهاء الجولة الثالثة من الاستشارات النيابية الملزمة التي جرت قبل ظهر امس في قصر بعبدا، والتي اطلع عون رئيس المجلس النيابي نبيه بري على نتائجها. وجاء تكليف عون للحريري تشكيل الحكومة الأولى في العهد الجديد، بعدما حاز 112 صوتاً، من النواب ال 126 الذين شاركوا في الاستشارات (لأن رئيس الجمهورية لم يعد نائباً، اضافة الى استقالة النائب روبير فاضل ما قلص العدد من 128 إلى 126). وفي حين لم تخرج كتلة «الوفاء للمقاومة» (13 صوتاً) عن سياق موقفها لناحية رفضها تسمية الحريري تشكيل الحكومة، اضافة الى عضو كتلة «البعث» النائب عاصم قانصوه، احتسب صوتا الحزب السوري القومي الاجتماعي بعدما أودعت الكتلة أول من أمس موقفها في عهدة الرئيس عون ليتبين انها سمت الحريري وصوّت عضو كتلة «البعث» النائب قاسم هاشم، الذي شارك مرة ثانية في الاستشارات امس، وهذه المرة من ضمن كتلة بري وهو عضو فيها ايضاً. ما رفع العدد من 110 الى 112 صوتاً. وكان الحريري نال في اول تكليف له العام 2009، 83 صوتاً فأعتذر، ثم اجريت استشارات جديدة في ايلول (سبتمبر) من العام نفسه فحصل على 73 صوتاً وأعيد تكليفه تكليفه. وسيباشر الحريري استشارات التأليف التي حددتها رئاسة المجلس، على مدى يومين، لاستطلاع رأي الكتل النيابية والنواب، على أن تبدأ من الواحدة بعد ظهر اليوم في المجلس النيابي، بلقاء رئيس البرلمان نبيه بري الذي اعلن ان للرئيس الحريري ديناً في ذمته فقرر ان يرده بتسميته رئيساً للحكومة. وكان رئيس الجمهورية التقى في مستهل الجولة الثالثة والأخيرة من الاستشارات كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تحدث باسمها النائب محمد رعد مشيراً إلى أن الكتلة لم تسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة. وبعدها التقى عون النائب نقولا فتوش الذي أعلن تسمية الرئيس الحريري، وقال: «عسى أن تكون التسمية لمصلحة الوطن وانسجاماً مع مواقف الرئيس الهادفة لجمع الكلمة في لبنان». ثم التقى رئيس الجمهورية كتلة نواب الأرمن التي تحدث باسمها النائب أغوب بقرادونيان فرأى في «شخص الرئيس الحريري الرجل المناسب والأفضل لهذه المرحلة، لما يمثل من الاعتدال والانفتاح والميثاقية والتمثيل الصحيح في بيئته وفي بيئة اللبنانيين إجمالاً ليتولى رئاسة الحكومة». والتقى عون نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت الذي أعرب عن «ارتياحنا الى خطاب القسم ونعتبر أن حكمنا دائماً سيكون على الأفعال وليس على الأقوال، ولذلك نرى أن كل اللبنانيين معنيون بإنجاح هذه المرحلة. وعلى هذا الأساس سمّينا الرئيس الحريري». وبعدها التقى عون النائب روبير غانم الذي سمى الرئيس الحريري «لأنه رجل المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة والتي تتطلب منا جميعاً إعطاء هذه الفرصة الثمينة للعهد وللحكومة». ثم التقى عون النائب دوري شمعون الذي قال: «من الطبيعي أن أسمي صديقي الرئيس الحريري» فالنائب إميل رحمه الذي قال: «تضامنت مع الإجماع النيابي في تسمية رئيس الحكومة المقبل». أما النائب أحمد فتفت الذي وصف خطاب القسم بالممتاز فقال: «هنأت الرئيس عون على انتخابه وتمنيت إظهار كل من لم يصوّت له على خطأ وأنا منهم. وأشرت إلى ملاحظتين، الأولى أن الرأي العام لا يعلم أن وثيقة الوفاق الوطني هي اتفاق الطائف، فيجب أن يكون ذلك واضحاً. أما الثانية، فكنت أتمنى، وإن شاء الله أن تحل الحكومة العتيدة هذه المشكلة، وأن تكون هناك إشارة إلى القرارات الدولية وتحديداً القرار 1701 بكامل مندرجاته التي تشمل كامل الحدود اللبنانية، والقرار 1757 الذي يتعلق بالمحكمة الدولية». وأعلن تسميته الرئيس الحريري. وبعدها التقى عون النائب محمد الصفدي الذي سمى الحريري «تكملة لشبكة الأمان التي بدأت بانتخاب العماد عون رئيساً ووجود الرئيس نبيه بري». ثم التقى النائب سيرج طورسركيسيان الذي قال: «بعد الانتظار الطويل والجهود الكبرى التي بذلت لملء الفراغ والتوصّل إلى انتخاب رئيس يمثّل وقوي، أتيت لتسمية الشيخ سعد الحريري». بري وعند الحادية عشرة والنصف وصل إلى قصر بعبدا الرئيس بري الذي اجتمع مع عون. ثم انضم إلى الاجتماع أعضاء كتلة «التنمية والتحرير» التي كانت آخر كتلة نيابية استشارها رئيس الجمهورية. وبعد اللقاء قال بري: «للرئيس سعد الحريري دين في ذمتي منذ قلت وصرحت بأنني إلى جانبه ومعه ظالماً أم مظلوماً. وبعد أن اجتمعت مع الكتلة ومع قيادة «حركة أمل» التي أنتمي إليها قررت أن أفي هذا الدين بكامله وأقدم طلباً وتمنّياً باسمنا جميعاً بتسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة». ورداً على سؤال، أجاب: «كله بحسابه، عدس بترابه». وعن كيفية ترجمة التعاون في التأليف في المرحلة المقبلة وهل سيكون مجدداً إلى جانب «حزب الله» في حكومة وحدة وطنية، أجاب: «إذا أرادوا التعاون أردنا التعاون وإذا أرادونا في المعارضة نكون في المعارضة. وليس للتسمية أي علاقة». وحول وجود أي خطوط حمر بالنسبة إلى الوزارات أو أي حقيبة قال: «هناك خطوط حمر وصفر وخضر وكل الألوان موجودة. ولو لم تكن لدينا نية بالتعاون لما كنا سمينا الرئيس الحريري». بعد ذلك، اختلى الرئيسان عون وبري حيث أطلع رئيس الجمهورية رئيس المجلس على حصيلة الاستشارات النيابية وفقاً للدستور، ودُعي الرئيس الحريري إلى بعبدا، وانضم إلى الاجتماع مع عون وبري حيث أبلغه رئيس الجمهورية نتائج الاستشارات النيابية وكلّفه تشكيل الحكومة. وبعد ذلك غادر بري قصر بعبدا، فيما عقد عون والحريري اجتماعاً استمر ساعة. عون سيلتقي اللبنانيين في باحة القصر الأحد من جهة ثانية أعلن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية في بيان أنه «لمناسبة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، سوف ينظِّم الأحد في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري «يوم تهنئة شعبية» في القصر الجمهوري في بعبدا. وعليه، فإن الرئيس إذ يعتذر عن عدم تمكنه في الأيام الماضية من استقبال المهنئين بسبب الاستشارات النيابية، سوف يلتقي اللبنانيين في باحة القصر الجمهوري في بعبدا، ويلقي فيهم كلمة في المناسبة».