أفيد أمس أن عشرات من عناصر فرع القاعدة المغاربي وقوات الأمن الموريتانية قُتلوا في مواجهات شديدة شاركت فيها الطائرات الحربية في منطقة النعمة على حدود موريتانيا مع مالي. وعلى رغم أن الجنود الموريتانيين تكبّدوا على ما يبدو خسائر كبيرة في بداية المواجهات الجمعة إثر سقوطهم في مكمن نصبته لهم «القاعدة»، إلا أن تدخل سلاح الطيران أمس كان مرجّحاً أن يعطيهم تفوقاً على المسلحين كون المعارك تجرى في منطقة صحراوية مكشوفة. وقالت مصادر في الجزائر متابعة لتفاصيل الهجوم الموريتاني ضد مواقع «القاعدة» إن ما لا يقل عن 12 مسلحاً قُتلوا في صفوف «كتيبة الفرقان» التي يقودها الجزائري «يحيى أبو الهمام»، فيما قتل ما بين خمسة و15 جندياً موريتانياً. واندلعت المعارك الضارية، وهي الثانية في غضون شهور قليلة، بعدما دخلت قوات استطلاع موريتانية أراضي مالي ب «ترخيص» من حكومتها وثّقته القيادة العسكرية المشتركة (مقرها تمنراست أقصى جنوبالجزائر) واشتبكت مع «كتيبة متحركة» تابعة لفرع «القاعدة» في الساحل الصحراوي بقيادة «أبو الهمام» الذي كلّفه قبل ثلاث سنوات أمير التنظيم «أبو مصعب عبدالودود» قيادة عناصر «القاعدة» في المنطقة الشرقية لمالي المحاذية لموريتانيا. وتباينت حصيلة خسائر المعارك التي دارت خصوصاً في منطقة «حاسي سيدي» غير البعيدة من حدود موريتانيا مع مالي. ففيما قال الجيش الموريتاني إن اثنين من جنوده قتلا وجرح أربعة آخرون في مقابل مقتل 12 من مقاتلي «القاعدة»، أشارت معلومات أمنية جزائرية إلى حصيلة مرتفعة في صفوف الجنود الموريتانيين تخطت خمسة قتلى وتسعة جرحى. لكن وكالة «فرانس برس» نقلت عن مصدر عسكري جزائري في المنطقة إن الجنود الموريتانيين تكبدوا خسائر «كبيرة»، مضيفاً أن «خمس آليات للجيش الموريتاني على الأقل سقطت في أيدي الإسلاميين وعدد (الجنود الموريتانيين) القتلى ارتفع إلى 15 على الأقل». ونقلت الوكالة أيضاً عن نائب من شمال مالي قوله: «علمنا من البدو الرحّل العائدين من منطقة قريبة من المواجهات أن عدداً كبيراً من الجنود الموريتانيين قتلوا»، مبدياً اقتناعه بأن «تنظيم القاعدة جر الموريتانيين إلى الصحراء لنصب مكمن لهم». وذكر مصدر جزائري ل «الحياة» أن «غالبية الإرهابيين القتلى من الجنسية الموريتانية»، مستبعداً تماماً أن تكون هناك علاقة بين الهجوم وخطف خمسة فرنسيين في النيجر الخميس الماضي. في غضون ذلك، علم أن مسلحي «القاعدة» استخدموا في المواجهات أسلحة ثقيلة تضاهي الأسلحة التي تملكها وحدات مكافحة الإرهاب في بعض دول المنطقة. وقالت مصادر إعلامية موريتانية إن وحدات الجيش الموريتاني دخلت أراضي مالي في مهمة استطلاع واعتقلت مواطناً مالياً وحققت معه لساعات ثم أخلت سبيله قبل ان «تباغتها القاعدة» بعد ذلك بساعات. وقال خبير عسكري إن الوضع العسكري للجيش الموريتاني سيكون أفضل في الساعات المقبلة لأنه يتعقب المسلحين في منطقة مفتوحة لا توجد بها جبال، وإنه يستفيد من وجود سلاح الطيران والمعلومات الاستخبارية التي يتم الحصول عليها بالتنسيق مع الفرنسيين الذين نفوا رسمياً مشاركة قواتهم في المعارك. ونقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني جزائري ان الموريتانيين «استخدموا طائرات حربية في المعركة. هناك طائرتان على الأقل. والهدف هو محاولة تحقيق تفوق لم يكن قائماً حتى الآن». ونقلت الوكالة الفرنسية عن الشاهد حامين ولد محمد علي قوله في اتصال هاتفي عبر الاقمار الاصطناعية: «لقد شاهدنا طائرات عسكرية في الحال على مقربة من رأس الماء (على بعد 235 كلم غرب تومبوكتو). كان هديرها قوياً». وأضاف: «قدمت للتو من راس الماء. لقد شاهدت ست آليات للجيش الموريتاني محترقة إلى جانب بئر». ومجموعة «يحيى أبو الهمام» هي واحدة من ثلاث مجموعات تشكل تنظيم «القاعدة» في الساحل، لكنها تختلف لجهة أن جل مقاتليها موريتانيون وهي تدين بالولاء ل «قاضي الجماعة» في الصحراء «أبو أنس الشنقيطي». ويأتي هجوم الجيش الموريتاني بعد نحو شهرين من عملية عسكرية فرنسية - موريتانية ضد موقع للمتطرفين المسلحين في صحراء شمال مالي قتل فيه سبعة عناصر من «القاعدة» التي ردت بإعدام رهينة فرنسي كانت تحتجزه.