أدى التلميح بتوحش المجتمع السعودي وأنه غير مهيأ لقيادة المرأة السيارة، إلى إسقاط مجلس الشورى أمس توصية إضافية وصفت بأنها ضعيفة وهشة، تطالب بإجراء دراسات اجتماعية لمعرفة ما هي البيئة المناسبة لذلك. وامتدت النقاشات في الجلسة ال 58 التي حضرتها كاتبات سعوديات، إلى خارج الوقت المحدد لها، وشهدت الكثير من التعليقات الجانبية، التي تصف حال الاختلاف الشديد الذي كان بين الأعضاء، ويعتبر هذا الموضوع من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في المجتمع، على رغم تصنيفه لدى المؤيدين بأنه من الحقوق غير القابلة للنقاش. وذكرت الدكتورة هيا المنيع في تصريح ل«الحياة» أن مجتمعنا لا يختلف عن المجتمعات الأخرى، بل إنه مجتمع معروف بشهامته ومروءته، أما لطيفة الشعلان فقالت مستغربة في تصريح ل«الحياة»: «إنه من اللافت تحول النقاش إلى مناظرة محتدمة بين من يؤيدون حق القيادة وبين من يرفضونه، بينما التوصية المراد التصويت عليها في واد آخر تماماً، لأنها تطالب فقط بإجراء دراسات اجتماعية الله يعلم من ومتى وكيف ستنفذ، ومن سينفذها، وماذا ستكون نتائجها؟ ولم تتطرق مطلقاً إلى تمكين المرأة من حق القيادة وهذا هو ما نريده». وطالب أعضاء عبر «الحياة» بالموافقة على قيادتها عبر قرار سيادي مشبهين الاعتراض الحالي بالاعتراض على تعليمها في الماضي. وقال عضو «الشورى» اللواء ركن علي التميمي: «استخارة الملك فيصل وموافقته على تعليم المرأة كان سبباً في وجود الشوريات»، وذلك في إطار دعمه للتوصية التي تدعو لدراسة البيئة لقيادة المرأة للسيارة مطالباً بالموافقة عليها وشبهها بالموافقة على التعليم الذي كان يرفضه بعض أفراد المجتمع حين ذاك، وبانت آثاره الإيجابية بوصول المرأة إلى مناصب كبرى، تقلدتها، وطالب أن تدرس التوصية كما تقدم بها الزميل للخلوص إلى نتائج يمكن الاستناد لها في ما يخدم الجميع. وطالب مجلس الشورى وكالة الأنباء السعودية بتطوير مؤشرات أدائها، لقياس مدى مواكبتها الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، وتطبيق التقنيات الحديثة في ذلك. وأوضح مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور يحيى الصمعان، في تصريح صحافي إثر جلسة المجلس أمس، أن المجلس بعد أن استمع لوجهة نظر لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار، في شأن ملاحظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لوكالة الأنباء السعودية للسنة المالية 1435-1436ه، دعا الوكالة إلى تطوير نظام إداري عصري للممارسات التدريبية المتخصصة للعاملين في الوكالة، بما يضمن اكتساب المهارات وتطوير الأداء. وأشار الصمعان إلى أن المجلس، بعد أن استمع إلى وجهة نظر لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، في شأن ملاحظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية (وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً)، طالب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتضمين تقاريرها المقبلة بيانات عن الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والجمعيات التعاونية، ولجان التنمية الاجتماعية الأهلية، وإنجازاتها، والصعوبات التي تواجهها. ودعا المجلس الوزارة إلى تضمين تقاريرها المقبلة معلومات مفصلة عن الجهات الاجتماعية التي يترأس مجالس إداراتها وزير العمل والتنمية الاجتماعية، موضحاً فيها الإنجازات والصعوبات في هذه الجهات، وتخصيص إدارة للإشراف التنموي تتولى المتابعة والإشراف على الجهات الأهلية التي تشرف عليها وكالة الوزارة للتنمية الاجتماعية، على أن تعمل مراكز التنمية الاجتماعية في إطارها، ومساواة لجان التنمية الاجتماعية الأهلية مع الجمعيات الخيرية في ما يتعلق بتحمل رواتب المحاسبين والمديرين التنفيذيين والاختصاصيين الاجتماعيين من الجنسين. كما طالب الوزارة بدرس تطبيق برنامج التشغيل الذاتي على مراكز التأهيل الشامل، بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وعمل دراسة مسحية عن ظاهرة العنف الأسري في المجتمع السعودي، ودرس دمج الجمعيات الأهلية في المدن الصغيرة والقرى والهجر لتكون جمعية للتنمية الاجتماعية، لتحقيق الجانبين؛ الرعوي والتنموي، وفقاً لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وحث المجلس الوزارة على التعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، لتعديل استراتيجيتها بما يؤكد الربط التام والتكامل والتناغم بين خطط التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في المملكة، وتضمين ما يؤكد تحقيق ذلك في التقارير السنوية للمجلس، من خلال الإنجازات ومؤشرات قياس الأداء، وهي التوصية الإضافية التي أقرها المجلس، المقدمة من عضو المجلس الدكتور غازي بن فيصل بن زقر. ووافق مجلس الشورى على التعديلات الحكومية على المادة (62) من نظام التأمينات الاجتماعية، التي تنص على معاقبة كل من يخالف أي حكم من أحكام هذا النظام ولوائحه، بما في ذلك تقديم أي بيانات غير صحيحة أو الامتناع عن تقديم البيانات التي تطلبها المؤسسة، بغرامة لا تزيد على 10 آلاف ريال، ويضاعف هذا الحد في حال التكرار، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال المشتركين الذين ارتكب صاحب العمل بصددهم مخالفة أو أكثر، كما تتعدد بتعدد البيانات المقدمة، أو الممتنع عن تقديمها. كما نص التعديل الثاني على معاقبة صاحب العمل، الذي يسجل شخصاً يثبت لدى المؤسسة أنه لا يعمل لمصلحته، بالغرامة أو بما لا يتجاوز ضعف إجمالي قيمة الاشتراكات عن المدة التي سجلت للشخص؛ أيهما أكثر، وتتعدد الغرامات بتعدد الأشخاص المسجلين بالمخالفة. وفي حال ترتب على أية مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة صرف تعويضات من دون وجه حق، فتكون العقوبة غرامة لا تتجاوز مقدار تلك التعويضات، مع إلزام المخالف رد ما صرف منها. الفيفي: كانت المرأة تقود جيوشاً لا مركبة تافهة قال الدكتور عبدالله الفيفي إنه يعتقد أن قيادة المرأة السيارة حق طبيعي، لا يتعارض مع شرع ولا نظام، ولذلك فإنه ليس بحاجة إلى درس ولا لجان فالحقوق لا تتطلب دراسة، وأضاف: «شؤون المرأة لدينا دائماً تعارض، منذ تعليم المرأة إلى عضويتها في الشورى والمجالس البلدية إلى قيادة السيارة، ولا حل إلا بقرار سيادي، يحسم هذا الجدل، وعندئذ سيكون أمراً متاحاً لمن أراد، وليس بإجباري، فمن أراد غير ذلك أعانه الله على التبعات»، مضيفاً: «من المخجل أصلاً أن يصرح بتأييد ذلك، أو يوصى بدرسه، لأنه حق للمواطنة كالمواطن، وكانت المرأة تقود جيوشًا لا مجرد مركبة تافهة، فإلى متى سيبقى هذا الجدل الهزلي العقيم؟». الشعلان: تمكين النساء من القيادة حق إنساني وشرعي غير مشروط عضو «الشورى» الدكتورة لطيفة الشعلان أكدت أن المجلس لم يسقط توصية تطالب بقيادة المرأة كما تناقلت ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما أسقط توصية ضعيفة وهشة تطلب من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التنسيق بين الوزارات لدرس البيئة الاجتماعية المناسبة للقيادة. وطالبت الشعلان بتمكين النساء عبر قرار سيادي من القيادة كحق إنساني وشرعي غير مشروط يمارسه من شاء ويمتنع عنه من شاء، وبينت أن كثيراً ممن عارضوا التوصية المطروحة كانوا يرون أنه ينبغي أن تطالب التوصية بتمكين المرأة من حق القيادة مباشرة وتقديمها على تقرير وزارة الداخلية كونها هي جهة الاختصاص، لا إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لدرس البيئة المناسبة. وذكرت الشعلان أن التوصية التي أسقطت لو تمت الموافقة عليها لتسببت بإعادة المسألة برمتها إلى الوراء أو للمربع الأول عن المجتمع ومدى جاهزية المجتمع، وهو عكس المطالبات التي تنادي بتمكين النساء من حق القيادة كحق إنساني وشرعي غير مشروط، مؤكدة أن التوصية لم تكن تتناسب مع المرحلة ولا سقف التوقع ولا تاريخ الجهود التي بُذلت في ملف قيادة المرأة للسيارة، كما أنها توسع اتجاه التسويف والتأجيل في هذا الملف المهم. المنيع : تمييع حق القيادة بإجراء دراسات قالت عضو المجلس الدكتورة هيا المنيع: «إن رفض المجلس لتوصية الزميل الدكتور سلطان السلطان لانها تعني تمييع حق المرأة في تمكينها من قيادتها للسيارة بإجراء دراسات تعيدنا للمربع الأول في درس قبول المجتمع من عدمه، والشواهد اليوم تؤكد تقبل المجتمع لذلك، وكلنا على ثقة بقدرة وزارة الداخلية على إيجاد بيئة مناسبة لقيادة المرأة». وأضافت: «من المعيب أن نذكر أن مجتمعنا يختلف عن المجتمعات الأخرى التي تسمح بقيادة نسائها للسيارات». مشيرة إلى أنها وزميلتها الدكتورة لطيفة الشعلان قدمتا مقترحاً لتعديل المادة 36 من نظام المرور، وذلك وفق المادة 23 من نظام مجلس الشورى، إذ تشمل موادها نصاً صريحاً بحق الرجل والمرأة على الحصول على رخصة القيادة التي تعتبر مسوغاً نظامياً إلزامياً لقائد السيارة». وأكدت المنيع أن من حق الجميع قبول أو رفض هذا الحق، على ألا يكون الرفض بحجة أن المجتمع السعودي غير مهيأ أو التلميح بتوحشه فهذا غير صحيح، فالمواقف لمصلحة هذا المجتمع الذي عرف بشهامته ومروءته. ابن جمعة: شركات الأجرة متاحة للمرأة! في مداخلة للدكتور فهد بن جمعة على تقرير العمل والتنمية الاجتماعية، استغرب المطالبة بقيادة المرأة للسيارة، وهي من رفضت دعم توظيف السعوديين في شركات الأجرة الخاصة بطلب السعوديين توصيلهم إلى الأماكن التي يرغبون فيها بدلاً من السائق الأجنبي، لعدم ثقتهن بهم وذلك كخيار اقتصادي متاحاً لهن، وأقل كلفة من السائق، وشراء سيارة وصيانتها. وقال: «حينما تقود المرأة ستجد السعوديين في جميع المركبات ولا نستطيع إخفاءهم»، ذكر ذلك وسط ضحكات من أعضاء المجلس. وذكر بن جمعة أن قيادة السيارة للمرأة بحاجة إلى قرار، وأشار إلى أهمية توظيف السعوديين في شركات التوصيل لما له أثر على اقتصاد البلد، وأشار إلى شهامة ابن البلد والثقة به وأن السعوديين دائماً مكان الثقة.