قُتل 4 عسكريين مصريين وضابط شرطة، فيما جُرح 11 شخصاً، بينهم ضابط و4 من عناصر الشرطة، في سلسلة هجمات شنها مسلحو جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، فيما أعلن الجيش قتل ستة مسلحين أمس. وذكرت مصادر أمنية أن مسلحين مجهولين استهدفوا تمركزاً أمنياً جنوب مدينة العريش في شمال سيناء، فقتلوا بالرصاص ضابطاً وجرحوا آخر. كما أصيب عنصر أمن برصاص في الرقبة بهجوم على أحد التمركزات الأمنية في مدينة الشيخ زويد، ونُقل إلى مستشفى المدينة لإسعافه. وانفجرت سيارة مفخخة كانت متوقفة على طريق العريش الدولي الساحلي، ما أدى إلى جرح ستة أشخاص. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن «انتحارياً يقود سيارة مفخخة فجرها قرب مسار دورية أمنية في العريش، ما أدى إلى جرح ثلاثة من رجال الشرطة وثلاثة مواطنين تصادف مرورهم بإصابات طفيفة، وحدوث تلفيات في إحدى المدرعات وسيارة شرطة». وفي رفح، أصيب رجل (50 سنة) وامرأة (60 سنة) برصاص مجهول المصدر في مدينة رفح، ونُقلا إلى مستشفى رفح المركزي لإسعافهما. وقال الناطق باسم الجيش العميد محمد سمير في بيان أمس إن «اربعة من مقاتلي الجيش استشهدوا» خلال «قتال جرى بين قوات الجيش والشرطة ومسلحين في مدن العريش ورفح والشيخ زويد (شمال سيناء) ضمن عملية حق الشهيد العسكرية، وأسفر عن قتل 6 تكفيريين والقبض على مطلوبين ومشتبه بتورطهم في العمليات الإرهابية يجري التحقيق معهم». وأضاف أن القوات دمرت «مخزناً يحتوي على براميل مواد متفجرة وعدد كبير من العبوات الناسفة المجهزة في منطقة جريعة، وفجرت 12 عبوة ناسفة كانت معدة لاستهداف القوات على الطرق الرئيسة، إضافة إلى تدمير سيارة رباعية الدفع مسلحة برشاش نصف بوصة، وتدمير سيارة ربع نقل و3 دراجات نارية من دون لوحات معدنية تابعة للعناصر التكفيرية، وتدمير 3 عشش تقطنها تلك العناصر وجدت في داخلها كمية من قطع غيار الدراجات النارية وكمية من الحديد الخردة المستخدم في تجهيز العبوات الناسفة». وأشار إلى «ضبط بندقيتين آليتين وقاذف آر بي جي وقنبلتين يدويتين وخزنة بندقية آلية». ويبرز تصاعد عمليات فرع «داعش» في سيناء خلال الأسابيع الماضية، استمرار قدرة التنظيم على تلقي الدعم البشري واللوجيستي، على ما ينبه مدير «المركز الوطني للدراسات الأمنية والإستراتيجية» العميد خالد عكاشة الذي لاحظ أيضاً أن العمليات الأخيرة «تشير إلى أساليب أكثر حرفية وأعلى تدريباً عن العمليات الإرهابية التي كانت في بداية الصيف». وكانت جماعة «ولاية سيناء» تبنت سلسلة من الهجمات التي أسقطت عدداً من العسكريين خلال الشهر المنصرم، كان أعنفها هجوماً على حاجز للجيش قبل نحو أسبوعين راح ضحيته 12 عسكرياً، ما استدعى توسيع الجيش عملياته في شمال سيناء ووسطها. وقال عكاشة، هو ضابط سابق في جهاز أمن الدولة عمل لسنوات في شمال سيناء: «بالطبع لابد من أن تكون الجماعات المسلحة في سيناء حصلت على ضخ كبير للدعم البشري والمالي والتسليح خلال الفترة الأخيرة، على رغم الضربات الأمنية التي تلقتها». وأضاف ل «الحياة»: «من الواضح أن هناك خطوط اتصال جديدة بين التنظيم في شمال سيناء وفروعه في سورية وليبيا لم تتوصل إليها أجهزة الأمن. وتوسيع الجيش عملياته خلال الأسبوعين الماضيين دلالة على أن أجهزة الأمن لديها معلومات عن تلقي المسلحين دعماً». وكان الناطق باسم الجيش أعلن في آب (أغسطس) الماضي قتل زعيم جماعة «ولاية سيناء» أبو دعاء الأنصاري قبل أن يبايع التنظيم «الشيخ عبدالله» خلفاً له. ويلاحظ عكاشة من العمليات الأخيرة أن «هناك عقولاً جديدة وبصمات أكثر احترافية وراء تلك الهجمات». لكنه يرفض الجزم بمصدر الدعم، وإن أشار إلى «استمرار التكليفات الخارجية من أجل تصعيد العمليات الإرهابية واستنزاف قوات الجيش في سيناء». غير أن القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم يقلل من التصعيد الأخير لمسلحي سيناء، موكداً ل «الحياة» أن نشاط فرع داعش «تقلص، ففي الماضي كان ينفذ عملية ضخمة كل شهر تقريباً، إضافة إلى عمليات صغيرة أسبوعياً. أما الآن فلا عمليات مركبة. هناك تحسن بعد عملية حق الشهيد العسكرية. وكل ما جرى خلال الشهر أقل من معدلات الماضي. الجماعة لم تفق من الضربات الأمنية التي تلقتها». وأضاف: «كان في الماضي امتداد خارج مثلث رفح والعريش والشيخ زويد. ووصلت الجماعة حتى إلى القاهرة الكبرى. أما الآن فعملياتها منحصرة في هذا المثلث البالغ 40 كيلومتراً». لكن إبراهيم يتفق مع عكاشة على أن التنظيم «تلقى دعماً خلال الفترة الماضية وكوّن جماعات جديدة وتسلّح تسليحاً جديداً». ولفت إلى أن التنظيم «هو الوحيد الذي يضم جنائيين... من الواضح حصول تجديد في العنصر البشري... والمعضلة الكبرى التي تواجه الجيش هي زرع العبوات الناسفة». ونبه إلى أن «الأسلوب الأمني القتالي لا يحقق نتائج كبيرة مع الجماعات الأيديولوجية ولابد من وجود تعامل فكري مع عناصر التنظيم»، مشدداً على أن «أي تنظيم مسلح لن يكون له البقاء، لا سيما أن أنصار بيت المقدس ليس له مشروع فكري سياسي، وهو مجرد قتال للقتال». من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية أمس «توقيف خمسة تكفيريين متورطين في تفجير عبوة ناسفة على طريق جسر السويس» شرق القاهرة الجمعة الماضي، ما أدى إلى مقتل شخص وجرح آخر. وأوضحت الوزراة في بيان أن «معلومات أشارت إلى تحديد (الموقوفين)... وأنهم يخططون لتنفيذ عملية إرهابية أخرى وشيكة تستهدف أحد الارتكازات الأمنية أعلى الطريق الدائرى بين منطقتي الخصوص والمرج، باستخدام عبوات متفجرة بهدف إحداث أكبر قدر من الخسائر البشرية». وأشارت إلى أن الشرطة استهدفت المتهمين «بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث، وتم ضبط 5 منهم كان على رأسهم القيادي إسلام محمد عابدين الذي سبق اتهامه في إحدى قضايا الإرهاب وحبسه على ذمتها لفترة العام الماضي، ومعاونه شوقي سمير العربي». وأوضحت أن «الموقوفين اعترفوا بقناعتهم بالأفكار التكفيرية واضطلاعهم بالإعداد والتخطيط وتنفيذ التفجير، وأنهم كانوا بصدد تنفيذ أعمال عدائية أخرى تستهدف رجال الجيش والشرطة من منطلق قناعاتهم الفكرية المتشددة». ولفتت إلى «تفتيش أحد الأوكار التنظيمية لتلك البؤرة في منطقة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية، استخدمه عناصرها في الاختفاء والتخطيط لعملياتهم وتخزين المواد المتفجرة، وعثر على عبوتين ناسفتين معدتين للتفجير واضطلعت النيابة بمعاينته». وأضافت أن «تلك الضربة الأمنية ساهمت في إجهاض نشاطات هذه البؤرة الإرهابية التي كان يعتزم عناصرها مواصلة تنفيذ سلسلة من عمليات العنف بصورة وشيكة وكانت تستهدف النيل من الاستقرار الأمني في البلاد وتعريض حياة المواطنين الأبرياء للخطر».