رفع أرباب الأسر شعار «التقشف ثم التقشف ثم التقشف»، في رد فعل على الإنفاق المتواصل، الذي بدأ منذ مطلع إجازة الصيف (قبل ثلاثة أشهر)، مروراً بمتطلبات شهر رمضان المبارك، ومستلزمات عيد الفطر، وأخيراً مصروفات العودة إلى المدارس، التي لا يقتصر أمرها على الطلاب، وإنما نالت المعلمين أيضاً. وفيما يتأكد أكثر من ثمانية ملايين موظف وموظفة في القطاعين الحكومي والخاص، بينهم نحو نصف مليون معلم، من جاهزية الملابس التي يرتدونها في العمل، سواء ثياباً مكوية أو «بدلات» خاصة بالعمل، يحسبون الساعات القليلة المتبقية من إجازتهم، التي تنتهي يوم غد (السبت)، متناسين بقدر الإمكان إنفاقهم أكثر من 15 بليون ريال خلال الفترة القليلة الماضية، بسبب تتابع أشهر الإنفاق، التي امتدت من بدء إجازة الصيف، ولن تختتم إلا بعد عودة الطلاب إلى مدارسهم، وربما بأيام بعد استكمال طلبات المعلمين والمعلمات. وفي خضم البحث عن مصادر لتمويل حجم الإنفاق، سواءً من طريق الاستدانة أو استخدام بطاقات الائتمان، أعلن أولياء أمور طلاب «إجراءات تقشف» و«ربط أحزمة» خلال الشهرين المقبلين. وعبّر عن ذلك مهدي علي (موظف حكومي)، صارخاً قبل بدء الدوام: «الإفلاس الإفلاس، أصبت به وأعلنت حال التقشف ثم التقشف». بيد أنه لم ينس بعد دفع الفاتورة الأخيرة «شراء مستلزمات المدرسة من دفاتر وأقلام، وأشياء أخرى تطالب بها المعلمات». وتوقع مراقبون أن ينفق الآباء أكثر من 150 مليون ريال على شراء الأدوات القرطاسية. ويبدي عبدالله العمير (ولي أمر طلاب)، ارتياحه لقرار توحيد ملابس الطلاب في المرحلة المتوسطة، إذ ترفض إدارات المدارس في المرحلة المتوسطة والثانوية ارتداء ملابس بأشكال وألوان متباينة. وتجبر الطلاب على ارتداء الثياب فقط، ما يعني «نوعاً من التوفير في مصروفات الملابس، التي تستهلك مبالغ طائلة طوال العام، وليس مع بدايته فقط» كما يقول العمير، مطالباً ب«توحيد ملابس طلاب المرحلة الابتدائية أيضاً». لكنه لن يكترث كثيراً لتطبيقه، في الوقت الراهن، وبخاصة أن آخر مولود له بنت «ستلبس في الابتدائية الأزرق، وفي المتوسطة البني، والثانوية الرصاصي». ولا يذكر عدد الأثواب التي طُلبت منه لبناته، «ربما ثلاثة أو اثنين فقط في كل فصل دراسي، وهو أفضل من ترك خيار اختيار الملابس للأسرة». وبعيداً عن المصاريف، ينظر معلمون ومعلمات، ب«عين الحسد»، إلى نحو أربعة ملايين و600 ألف طالب وطالبة، إذ سيعود المعلمون إلى المدارس الفارغة غداً. فيما ستتأخر عودة الطلاب لأسبوع. ويتمنى المعلمون بعد نحو شهرين قضوها في إجازة، ان يمتد غيابهم عن مقار عملهم لأسبوع على غرار الطلاب. وسيكتفي المعلمون في الأسبوع الأول من عودتهم إلى العمل، ب«شرب الشاي، وتلقي التهاني بالعيد»، بحسب قول المعلم محمد سعود، الذي يضيف «لا يوجد عمل محدد سنقوم به في هذا الأسبوع، وبخاصة أن الكتب الدراسية جهزت مع نهاية الفصل الدراسي الماضي، فيما نستطيع القيام ببقية الأعمال في يوم واحد، مثل وضع الجداول وتوزيع الحصص». ولا يجد المعلمون مبرراً في إعادتهم إلى الدوام مبكراً، و«لكن ليس أمامنا غير الامتثال، وبخاصة مع تشديد وزارة التربية والتعليم على الحضور اليومي خلال هذه الفترة». ولا يجادل موظفو القطاع الحكومي، المعلمين في استمتاعهم بإجازة تواصلت لأكثر من شهرين متتابعين، وبخاصة أنهم غارقون في «الإنفاق» كما هي حال المعلمين. ويتناسى الموظفون من القطاعين العام والخاص طول أو قصر الإجازة، في سعيهم إلى إيجاد حل موقت لدفع التكاليف المترتبة عليهم. ووجد كثير من المعيلين في بطاقات الائتمان، «ملجأ موقتاًَ» لتلبية حاجاتهم. ويقول محمد إبراهيم: «إن البطاقة، على رغم ما فيها من مشكلات ورسوم، لكنها أفضل من التوجه إلى الاستدانة من الأقارب أو الأصدقاء»، مضيفاً «فكرت في الاستغناء عن شراء بعض المستلزمات الرمضانية أو العيد، إلا أن مطالب العائلة لا تتوقف، وأضطر إلى النزول عند رغباتهم، وبخاصة في الأمور الضرورية».