تعج الدنيا بكثير من المفارقات التي لا تخضع لصيغ ثابتة، ولا تستجيب لأعراف قائمة، فيما يمضي الإنسان في درب الحياة من دون وعي بما تنسج له الأقدار. وعلى رغم أن ظروفاً صعبة تتمثل في حالات المرض والوفاة اغتالت فرحة العيد لدى الكثيرين، إلا أن البعض استطاع التكيف معها على رغم عظم المصاب. لم تعش أسرة أم فهد التي فقدت عائلها قبل أيام فرحة عيد الفطر، على رغم أنها بدأت التجهيز له منذ وقت باكر، وتقول: «حرص زوجي على أن يجهز لنا ملابس العيد في وقت باكر من شهر رمضان، غير أن الموت الذي غيبه في ال 22 من رمضان، جعلنا نعيش الحزن، ونصرف النظر عن فرحة العيد». وتضيف: «على رغم كثر الزوار المهنئين لنا بالعيد، إلا أننا لم نحس بطعم العيد، كما تبرعنا بالملابس الجديدة للفقراء، راجين من الله أن يتقبلها صدقة عن فقيدنا». ولا تختلف حال أسرة خالد الكثيري، كثيراً عن ظروف أم فهد، إذ تعرضوا لحادثة مرورية في الرابع من شهر رمضان بعد عودتهم من أداء العمرة، نتج منها إصابة ابنهم الأكبر ياسر بشلل نصفي. يقول والده: «في كل عام نؤدي العمرة جميعاً، وخلال هذا العام حصلت لنا حادثة مرورية أقعدت ياسر طريح الفراش»، مضيفاً وبنبرة حزن شديدة «في كل عيد نخرج سوياً للاستمتاع بعيد الرياض، لكننا لن نستطيع هذا العام، نتيجة الظروف الصعبة التي نعيشها... ما يشعر به ابني هو فقدان كل شيء، فهو لم يتعود الجلوس، كما أن سوء حاله الجسدية والنفسية سبب لنا كثيراً من الحزن». وفي شكل مغاير، استطاعت أم وجدان التي انتقل زوجها إلى رحمة الله قبل عام، أن تشعر أطفالها بعدم اختلافهم عن أقرانهم، إذ عملت على تجهيز الملابس الجديدة والهدايا لهم، كما حرصت على الخروج معهم إلى احتفالات العيد. وتشرح أم وجدان تجربتها «حزنت خلال شهر رمضان كثيراً على فقدان شريك حياتي لأنني تعودت على أن أصوم معه وأن نعتمر سوياً في كل عام، وكنت كلما اقترب العيد أشعر بحزني أكثر، لكنني توصلت إلى قناعة أن زوجي حينما تركنا أرادنا سعداء، لذا فمحاولتي إسعاد أسرتي التي كونتها معه هي أمنيته الحقيقية، ومن هنا نعيش حياتنا بشكل طبيعي هذا العيد، على رغم حزني الذي أحرص على ألا يحس به أطفالي».