أبدى شرعيون واجتماعيون ومنشدون دينيون انزعاجهم من «الازدواج» الذي يكون قبل أذان المغرب في رمضان وما بعده، إذ تكون القنوات «ناسكة» في النهار، ومتجاوزة في الليل، إذ اعتبروها حال شاذة في تاريخ الأمة الإسلامية وثمرة حال الشكلانية التي نعيشها اليوم، وهي حال مرضية تكاد تفرّغ فيها العبادات من روحها، مؤكدين أنها تفرغ «رمضان» من روحانيته. يقول الأكاديمي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد المزيني: «تحويل هذا الشهر المبارك إلى كوميديا هزلية (كومدة رمضان)، تتبارى فيه صروحنا الإعلامية أيهم يضحك الجمهور حصرياً أكثر، تعد حال شاذة في تاريخ الأمة الإسلامية، التي شرع لها رمضان ليكون برنامج إصلاح للروح والجسد معاً، نحن بحاجة إلى مبادرات إعلامية توقف هذا الانحدار، نعم الترفيه لا بد منه»، ولفت إلى أنه ليس المطلوب أن تتحول البرامج التلفزيونية إلى مواعظ وبكائيات، ولكن الخطأ في حال اللا توازن التي تتكرر كل رمضان، بسبب الغلو الكوميدي والمبالغة الترفيهية. وحول الازدواجية التي تكون في شهر رمضان بين نهار روحاني وليل كرنفالي طربي قال: «هذه ثمرة حال الشكلانية التي نعيشها اليوم، وهي حال مرضية تكاد تفرّغ فيها العبادات من روحها، لتصبح طقوساً لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئاً». وأبدى سعادته من رياح السمو الروحي والإيماني، التي تهب على عموم المسلمين فتحمل الشيخ الكبير والعجوز الهرمة والطفل الغرير والشاب الطرير للإقبال على المساجد، والانكباب على الكتاب العزيز، تلاوة واستماعاً وصلاة وتهجداً، واحتفاء الناس بالمساجد، وعمارتها بالتسابيح والتراتيل والبخور والعطور، وزحام الطائفين حول الكعبة، وموائد الإفطار في أروقة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشهد التلفزيوني الرائع في نقل صلاة التراويح من الحرمين. وقال المنشد الإسلامي سمير البشيري: «الحقيقة أن رمضان تحولت ثقافته الإعلامية إلى سباق محموم في كل شي وعلى جميع الأصعدة، وخصوصاً التنافس في القنوات على البرامج والمسلسلات ، و في أحيان كثيرة يتعارض هذا الطرح مع روحانية الشهر الفضيل، ولكنه أصبح موسماً رسمياً لهذه الحركة الفنية ، ولذلك ترى المجتمع بشكل عام في انسياق مع ما يطرح من دون تمييز، ويجبر المشاهد على تلقي هذه الجرعات بغض النظر عن مناسبتها من عدمه». وأفاد أن الازدواجية الحاصلة في رمضان هي ثمرة جهود مبذولة بشكل مكثف ولمدة سنوات طويلة لتحويل رمضان لموسم تجاري للأعمال الفنية ، وقد نجحت هذه الجهود وأصبح التركيز على رمضان لطرح كل جديد ، و هذا مما سبب الازدوجية التي أشرت لها في سؤالك ، بحيث أصبحنا نعيش حياة ما قبل الأذان تختلف عن حياة ما بعد الأذان . وقال المشرف العام على مركز واعي للاستشارات الاجتماعية الدكتور عبدالله السلمان: «الإزدواجية في رمضان تنعكس على النفس تردداً وتراجعاً وهي بالفعل ثمرة الواقع العربي الذي يحتاج للكثير من الجهد ليلحق بالركب العالمي الذي سبقنا بمئات السنوات»، وأكد أن تحول رمضان إلى سوق للمنافسة في العروض الفكاهية والترفيهية يقلل من روحانية الشهر ويبطيء من تحقق أهداف رمضان ومن أهمها التقوى وزيادة الإيمان وإعادة التوازن للنفس وتعديل سلوكاتها التي حصل بها بعض الخلل في شهور السنة».