اشتكت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير جديد حول البرنامج النووي الإيراني أصدرته أمس، من عرقلة طهران عمليات التفتيش التي يجريها خبراء الوكالة، مشيرة الى أنها عززت نشاطاتها في تخصيب اليورانيوم، متحدية العقوبات الدولية. ووصف ناطق باسم البيت الابيض تقرير الوكالة الذرية بأنه «مثير للقلق ويبين ان ايران ترفض الوفاء بالتزاماتها الدولية في المجال النووي، وتواصل جهودها لتوسيع برنامجها وتقترب من القدرة على صنع اسلحة نووية». واضاف ان «عزلة طهران ستزداد عمقاً اذا استمرت في مسارها الحالي». وقال الناطق ل «الحياة» ان «الولاياتالمتحدة بالتعاون مع تحالف واسع من الدول تمارس ضغوطاً غير مسبوقة على الحكومة الايرانية لكي تتحمل مسؤولياتها». وجاء في تقرير المدير العام للوكالة الياباني يوكيا أمانو، ان إنتاج ايران الإجمالي من اليورانيوم منخفض التخصيب زاد بنسبة 15 في المئة منذ أيار (مايو) الماضي، ليصل الى 2.8 طن بعدما كان 2.43 طن. وتكفي هذه الكمية لصنع ثلاث قنابل نووية. وأضاف ان ايران انتجت 22 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، بحلول أواخر آب (أغسطس) الماضي، مشيراً في الوقت ذاته الى انخفاض عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة في انتاج اليورانيوم منخفض التخصيب، إلى 3772. ولفت التقرير الى أن ايران لا تزال تتجنب تقديم ردود واضحة، حول تحقيق الوكالة في معلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) وأجهزة استخباراتية أخرى، تفيد بسعي ايران الى تطوير رأس نووي، محذراً من أن مرور الوقت يؤدي الى تضاؤل فرصة التحقّق من دقة هذه المعلومات. وأشار التقرير الذي سيناقشه مجلس محافظي الوكالة ورُفع إلى مجلس الأمن أيضاً، الى ان ثمة «قلقاً» إزاء «الاعتراض (الإيراني) المتكرر» على انتقاء الوكالة لمفتشين يعملون على الأراضي الإيرانية، بعدما حظرت طهران دخول اثنين منهم في حزيران (يونيو) الماضي، اذ اتهمتهما بعدم الدقة في الإبلاغ عن تجارب نووية غير معلنة يُرجح أن تكون ايران أجرتها في مختبر، فيما تتمسك الوكالة بما خلصا إليه، مؤكدة أنها «تثق كلياً بمهنيتهما وحيادهما» كما تفعل «بالنسبة الى جميع مفتشيها». وجاء في التقرير ان «الوكالة ترفض الأسس التي استندت إليها ايران في تبرير اعتراضها»، وأن هناك حالات سابقة أثارت خلالها طهران اعتراضات مماثلة. وأضاف أن الوكالة «قلقة أيضاً لأن الاعتراض المتكرر على اختيار مفتشين ذوي خبرة، يعوق عملية التفتيش وينتقص بالتالي من قدرة الوكالة على تطبيق نظام الضمانات الشاملة في ايران». ووجّه أمانو انتقاداً مبطناً لطهران، لامتناعها عن تزويد الوكالة بمعلومات أولية عن تصاميم المنشآت العشر لتخصيب اليورانيوم التي تنوي إقامتها. وخلص إلى أن تعاون إيران خلال الشهور الثلاثة الماضية، لم يكن كافياً من أجل حسم قضية احتمال وجود بُعد عسكري لنشاطها النووي، مطالباً إياها باتخاذ مزيد من إجراءات بناء الثقة والتوقيع على البروتوكول الإضافي. وقبل ساعات من إصدار أمانو تقريره، دعاه رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علاء الدين بروجردي الى «العمل باستقلالية وعدم التأثر بالضغوط السياسية الأميركية»، لافتاً الى «التعاون التام لإيران مع الوكالة الذرية»، ومضيفاً: «مع الأخذ في الاعتبار هذا التعاون الواسع، تتوقع إيران أن يعمل أمانو طبقاً لقواعد الوكالة الذرية وقراراتها، وألا يتأثر بالضغوط السياسية الأميركية». الملف النووي السوري ووزع أمانو أيضاً تقريراً حول تطورات تنفيذ اتفاق الضمانات في سورية خلال الشهور الثلاثة الماضية، أي منذ صدور تقريره الأخير حول الملف النووي لدمشق. وأفاد المدير العام للوكالة بعدم حصول أي تقدم ملحوظ مرتبط بالكشف عن «منشأ» جزيئات اليورانيوم التي عُثر عليها قرب موقع الكبر في منطقة دير الزور الذي دمرته مقاتلات إسرائيلية في ايلول (سبتمر) 2007، محملاً دمشق مسؤولية «اختفاء» بعض ال معلومات الضرورية المتعلقة بالموقع، ما يزيد من صعوبة التحقيقات الجارية في هذا الشأن. لكن أمانو أشار إلى تعاون دمشق مع الوكالة، في تقديم معلومات وتقارير تتعلق بالمفاعل النيوتروني الصغير القريب من دمشق. على صعيد آخر، نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) عن «مصدر مطلع في الخارجية الإيرانية» تأكيده ان «بعض المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء المحلية حرّفت ونقلت في صورة غير صحيحة، تصريحات وزير الخارجية منوشهر متقي في شأن مفاوضات التسوية في الشرق الأوسط»، محذراً من ان ذلك «لن يؤدي سوى الى الإضرار بقرارات الجهاز الديبلوماسي الإيراني وإجراءاته، ويوجد قاعدة لسوء التفاهم مع باقي البلدان، ومن شأنه أن يؤدي الى تداعيات لا يمكن تعويضها بالنسبة الى سياسات النظام والمصالح الوطنية للبلاد». جاء ذلك بعدما أرجأت مصر زيارة كانت مقررة لمتقي الى القاهرة، رداً على قوله، بحسب الوكالات الإيرانية، ان المشاركة في إطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل «خيانة».