في الحديث عن المال العربي المبذول لحماية القدس يصيبك الكثير من الكآبة وأنت ترى أسماء الصناديق والدول التي ترأسها، وعند البحث عن الأثر يكون كمن يبحث في الصحراء عن الماء. في التفاصيل التي نشاهدها عن وجهة المال العربي، وللأمانة وحتى لا نبخس الناس أعمالهم، رأيت بعض الدعم لتغيير سجاد المسجد الأقصى، ورأيت معها بعض اللافتات التي تعنون إفطارات رمضان، وبعضاً آخر يمتدح نفسه كثيراً لدفع ثمن التمر الذي يوزع على موائد الإفطار في ساحات المسجد الأقصى. تذكرت لقاء مع صهيوني يستعمر مجموعة بيوت في مدينة القدس اشتراها من خائن فلسطيني هاجر إلى الولاياتالمتحدة هرباً بعد عملية البيع. المستعمر هذا يبلغ من العمر ستين سنة لم يتزوج ولم يحرص على توريث أحد من أقاربه ما يملك . لذلك ظلت المؤسسة الإسرائيلية تفاوضه لتسليم ما يحوز من عقار للمؤسسة الصهيونية إلا انه عرض بيع ما يملك بثلاثة ملايبن دولار، لكن المؤسسة الإسرائيلية لم ترد عليه فتوجه باحثاً عن عربي يدفع له الثمن ليبيع. حاول بعض الأصدقاء الذين يعملون في السلطة الفلسطينية جمع الرجل مع الدوائر المختصة فيها لشراء العقارات منه وهي بالمناسبة قريبة جداً من المسجد الأقصى. المحاولات كلها باءت بالفشل وعاد الهاتف الرسمي كعادته يرد من خلال الآلة المسجلة «الهاتف الذي تتصل به حالياً لا يستقبل مكالمات يرجى ترك رسالة ورقمك لمعاودة الاتصال... قبل يوم القيامة بأسبوعين» الثمن الذي طلبه الرجل لم يتجاوز 3 ملايين والتي مع المفاوضة ستكون أقل بكثير. في الحديث عن عمليات السيطرة والجهد الصهيوني فيها استطاعت إسرائيل السيطرة على أكثر من 70 في المئة من الأحياء القديمة في القدس، السيطرة على رغم تعدد وسائلها، إلا أن المال أحد الأدوات المهمة فيها. في حديثي مع مواطن مقدسي روى تفاصيل المساومة التي تعرض لها حين دخل عليه في البيت وزير إسرائيلي سابق مع مجموعة من الشخصيات التي لا يعرفها، حيث قام الوزير بتوقيع شيك وطلب من والد المقدسي وضع الرقم الذي يشاء من دون تردد في مقابل بيته، مع ضمان السفر إلى الخارج وإعلان عملية البيع بعد عشر سنوات. المال المبذول هذا لا تدفعه الدولة وحدها بل يساهم فيه أغنياء اليهود الذين يقاتلون على كل شبر في مدينة القدس دون أضواء ولا كاميرات ولا يافطات تعلق تحت كل عملية أو قرصنة. عرض البائع الصهيوني ما زال قائماً، والبيوت في عرف التجارة مغرية، فمن أحدها تشاهد المسجد الأقصى من دون حائل ولا حاجز، فهل يمكن لأحد عقد صفقة شراء لحماية بعض ما تبقى لنا في القدس؟ * (الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام - بريد الكتروني)