عمّت أمس، القداديس والصلوات والزيّاحات كنائس الطوائف المسيحية في لبنان احتفالاً بأحد الشعانين يوم دخول المسيح إلى أورشليم، وغصّت الكنائس والأديار من الشمال إلى الجنوب بالأهالي وبالأطفال الذين حملوا أغصان الزيتون والشموع المزيّنة بالزهور في جو من الفرح. وأكدت الكلمات التي لم تخل من السياسة في هذه المناسبة على المحبة والسلام ومعاني الشعانين وضرورة دفن الحقد والضغينة. وانطلقت شموع الشعانين من كنائس الأشرفية واجتمعت في ساحة ساسين زياحات 5 كنائس من الطقوس الغربية والشرقية احتفالاً بالعيد. وحمل المشاركون الشموع ومعهم رسالة لتوحيد الكنسية. وكانت الفرحة الأكبر للأطفال الذين يرمزون للعيد. ثم عاد بعد ذلك كل كاهن مع أبناء رعيته إلى كنيسته لمتابعة القداس. وفي كاتدرائية القديس جاورجيوس في قلب بيروت، غصّت الباحة بحشد من المصلين الذين حملوا سعف النخل وأغصان الزيتون وأولادهم. وترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده القداس. وقال في عظته: «تتمحور الأحاديث بشأن من سيكون رئيس الجمهورية المقبل، ومن سيضعون في هذا المركز أو ذاك. لكنني لم أسمع مرة مسؤولاً يشدد على أنه عليك أن تكون مواطناً حقاً، أي أن تحب وطنك أولاً وأخاك أولاً وبعدها تفتش عن المراكز». وأكد الحاجة إلى «مدارس تعلم المواطنة، وعندها لا حاجة إلى الكلام على المذهبية أو الطائفية لأن المواطن يصبح أخاً لكل مواطن». وأضاف: «لست رجل سياسة، أنا رجل دين يعلم تعاليم المسيح الذي لم يتكلم في السياسة. نسمع أحاديث وعظات كثيرة عن السياسة، ولم أسمع عظة واحدة عن الأخلاق أو المواطنة. أريد رئيساً يحب لبنان، أريده سلامياً، أي من أهل السلام، لا حقد في قلبه ولا بغض». وتابع: «سمعنا قبل أيام أن أخاً كاهناً قتل وكان يعلم أنه في خطر، لكنه لم يترك ديره ورعيته ومن يهتم بهم. نحن عندما نستشعر خطراً نهرب. أيام الحرب كنا نسأل عن المسؤولين وإذا بهم مشغولون في الخارج. لا أدري بماذا هم مشغولون في الخارج عوض الانشغال بشعبهم». وفي المناسبة، رأى الرئيس اللبناني ميشال سليمان في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به ان «فرح أطفالنا في الشعنينة المباركة، يدعونا الى التأمل والتفكير، بالأطفال المرضى والمشرّدين والفقراء واليتامى وأولاد الشهداء الأبرار». وطلب من «رسول الفداء المسيح السلام في لبنان وألا تنعاد 13 نيسان 1975، ووحدة أبنائه، وسلامة أراضيه وسيادة الدولة عليها من دون اي شريك». وأمل البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال عظة أحد الشعانين، من المجلس النيابي «الذي سيبت، غداً مشروع سلسة الرتب والرواتب، أن يوازن تماماً بين ثلاثة هي: حقوق الشعب، وإمكانات الدولة، والإصلاحات اللازمة. فالعدالة تقتضي أن يعطى الشعب حقوقه، والدولة مسؤولة عن توفير إمكاناتها من دون أن ترهق المواطنين بمزيد من الضرائب، أو تزعزع المؤسسات الخاصة التربوية والمصرفية والسياحية التي هي ضمانة البلاد». ولفت إلى أن «الإصلاحات توجب على المجلس النيابي والحكومة اتخاذ القرار الجريء بالتزامها. فتضبط هدر المال العام بضبط مداخيل الدولة وحصر النفقات، وتجري المحاسبة العمومية، وتضع الموازنة السنوية، وتفعل أجهزة الرقابة، وتملأ الشواغر في المؤسسات العامة من أجل إعادة الروح إلى الدولة». وجدّد مناشدته «رئيس المجلس النيابي أن يعلن في اليومين المقبلين بداية الجلسات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون على مستوى التحديات السياسية والاقتصادية والامنية الراهنة»، لافتاً إلى أن «حسن اختيار الرئيس الأنسب والأجدر للبلاد يقتضي المتسع اللازم من الوقت للاقتراعات والتشاورات». وتناول في عظته معاني الثوابت الوطنية وأهمية الوجود المسيحي في الشرق.