احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي في مختلف المناطق اللبنانية أمس بأحد الشعانين، فغصّت الكنائس بالمؤمنين وبالأطفال الذين حملوا شموعهم المزينة وأغصان النخل والزيتون للمشاركة في الاحتفالات، وتركزت عظات رجال الدين على الدعوة إلى ضبط الوضع الأمني والسياسي والرجوع إلى طاولة الحوار لجمع شمل اللبنانيين والوقوف صفاً واحداً في وجه التحديات، وتمنوا ألا تصل البلاد إلى الفراغ الأمني والسياسي. وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي قداس أحد الشعانين في بكركي، وقال في عظته: «في الظرف الحرج الذي يعيشه لبنان، وبخاصة بعد تقديم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي استقالته، والأوضاع الداخلية والإقليمية متوترة، نناشد مع الشعب اللبناني وجميعِ المخلصين للبنان، المسؤولين السياسيين تقديرَ خطورة الوضع، والجلوسَ إلى طاولة الحوار بروح المسؤولية والضمير الوطني، من أجل تشكيلِ حكومة قادرة يرتاح إليها المواطنون، تعمل بجدية على إقرار قانون جديد للانتخاب، وإجراءِ الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، حماية للديموقراطية وتداولِ السلطة اللذَين يميزان لبنان، حكومة تضبط الأمن في الداخل وعلى الحدود، وبالأخص مع سورية، وتدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام، حكومة تعزز الميثاق الوطني ولا سيما لجهة حماية لبنان من أن يكون مقراً أو ممراً للسلاح إلى أي بلد، ولجهة حفظ حياده الإيجابي، بحيث لا ينخرط في تحالفات عسكرية إقليمية أو دولية، بل يلتزم قضايا السلام والعدالة وحقوق الشعوب، ونبذ العنف والإرهاب والحرب». ودعا «إخواننا في طرابلس لإيقاف الاقتتال وللتفاهم والاحترام المتبادل، بعيداً من تداعيات الأحداث الجارية في سورية، التي نرجو لها مخرجاً آمناً بالحوار والتفاوض، رحمة بالمواطنين الأبرياء وحماية للعيش معا بانسجام وتكامل». وذكّر الراعي بأن رسالة المسيحيين «التحرير من كل ظلم واستبداد واستضعاف، والعمل على خلاص الانسان من كل ما يعيق نموه وتحقيق ذاته: الخلاص الروحي من الخطيئة والشر، والخلاص الاقتصادي والاجتماعي من الفقر والحرمان والتهميش والإهمال، والخلاص التربوي من الجهل والأمية، ومن الفلتان والانحطاط الأخلاقي، والخلاص السياسي من الظلم والقهر والاحتلال والحرمان من الحقوق الأساسية، وفي طليعتها الحريات العامة والكرامة الشخصية، والخلاص الأمني من العنف والحرب والإرهاب». ولفت إلى أن «الكنيسة لا تختلط بالدولة أو بالسلطة السياسية، بل تتمايزان وتنعمان بالاستقلالية الواحدة عن الأخرى. غير أنهما مدعوتان للتعاون من أجل الخير العام، وللتفاهم على المبادئ التي تلهم العمل لخير المواطن وكرامته وحقوقه ومصيره، ولتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة في المجتمع، ولحماية الوطن في وحدته وشرفه وسيادته وقراره».