دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو اسرائيل الى «التفكير» في التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وإخضاع كلّ منشآتها الذرية لرقابة الوكالة. وورد ذلك في أول تقرير تصدره الوكالة حول «القدرات النووية لإسرائيل»، استعرض خلاله أمانو الإجراءات التي نفذتها الوكالة خلال الشهور الماضية لتقويم هذه القدرات، عملاً بقرار غير ملزم نجحت الدول العربية بدعم من إيران، في إصداره خلال مؤتمر الوكالة في أيلول (سبتمبر) 2009، يعرب عن «مخاوف في شأن قدرات اسرائيل النووية»، ويحض الدولة العبرية على الانضمام الى المعاهدة النووية، كما يطالب أمانو بالتشاور مع «الدول المعنية» في شأن كيفية تحقيق ذلك ورفع تقرير خلال مؤتمر الوكالة في الشهر الجاري. ولوحظ ان تقرير الوكالة حول «القدرات النووية لإسرائيل» مختصر، إذ لم تتجاوز صفحاته الثلاث، ولم يقدم سوى معلومات بسيطة حول البرنامج النووي الاسرائيلي، متجنباً التطرق الى أي معلومات جوهرية تتعلق بجوانب حساسة. وبرّر أمانو عدم قدرته على تقديم لائحة بالمواقع النووية في اسرائيل، بالصلاحيات المحدودة للوكالة للتحرّك في هذا الاتجاه، اذ أن اسرائيل غير موقّعة على المعاهدة النووية، ما يعني أن قوانين «اتفاق نظام الضمانات» لا تسري عليها، مشيراً إلى أنه لا يستطيع التحرك إلا ضمن الاتفاقات الجزئية المبرمة بين الوكالة وتل أبيب وواشنطن، والتي وُقّعت عامي 1975 و1977. وركز أمانو على زيارته لاسرائيل الشهر الماضي، ولقائه الرئيس شمعون بيريز ورئيس الهيئة النووية الاسرائيلية شاؤول شوريف، عارضاً عليهما الانضمام للمعاهدة النووية والتفكير في إخضاع منشآتهم لرقابة الوكالة. واكتفى أمانو بالإشارة إلى تلقيه رداً خطياً من اسرائيل على زيارته، «انسجم» مع رد تلقّاه في 26 تموز (يوليو) الماضي من وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، اعتبر أن الوكالة «لا تمثل المحفل المناسب لمناقشة القدرات النووية لبلاده»، وأن أي تطبيق لقرار الوكالة الصادر في ايلول 2009 «لن يكون مبرراً من وجهة النظر السياسية والقانونية، ويجب شطب القانون من جدول أعمال الوكالة». واتهم ليبرمان ايران وسورية بأنهما يشكلان «التحدي الحقيقي للانتشار النووي» في الشرق الاوسط، معتبراً ان قرار 2009 محاولة سياسية لحرف الانتباه عنهما. وتناول التقرير الذي وُزّع على الأعضاء ال35 في مجلس محافظي الوكالة، عرضاً مسهباً لمواقف الدول الأعضاء فيها، ازاء جعل «القدرات النووية لاسرائيل» ملفاً تناقشه الوكالة والمحافل الدولية، وتوقيع تل أبيب على المعاهدة النووية، من خلال إرفاقه بنصوص 42 رسالة تلقتها الأمانة العامة للوكالة من الدول الأعضاء في هذا الصدد، عكست في مجملها انحياز الدول الغربية لمصلحة «إسقاط هذا البند من جدول أعمال المؤتمر المقبل للوكالة»، في مقابل إعراب الدول الأعضاء في كتلة عدم الانحياز عن موقف مؤيد لجهود الدول العربية في هذا الإطار. ووصفت ايران اسرائيل بأنها «نظام وحشي»، معتبرة امتلاكها سلاحاً نووياً «خطراً على السلام والامن الاقليمي والدولي»، فيما شجعت الولاياتالمتحدة كل الدول على التوقيع على المعاهدة النووية، لكنها عارضت قرار ايلول 2009، معتبرة انه اشار فقط الى اسرائيل، متجاهلاًَ ايران وسورية. وورد في تقرير الوكالة ان أمانو ابلغ اسرائيل خلال زيارته «قلق الجمعية العامة في شأن قدراتها النووية»، داعياً إياها إلى «التفكير في الانضمام الى المعاهدة النووية وأن تُخضع كلّ منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة». ورأى ديبلوماسي متابع أنه على رغم أن هذا التقرير يمثل خطوة أولى في اتجاه إدخال البرنامج النووي الاسرائيلي دائرة الضوء، إلا أنه لم يحمل أي جديد يمكن أن يصبّ في إطار تصعيد الضغط على تل أبيب، وأخذ على أمانو عدم دعوته تل أبيب في شكل صريح، الى الانضمام للمعاهدة النووية وفتح منشآتها أمام الرقابة الدولية. وتوقع أن يشهد الاجتماع المقبل لمؤتمر الوكالة، والمقرر في 20 من الشهر الجاري، جدلاً واسعاً ومحاولات جديدة من المعسكر المؤيد لتل أبيب، من أجل الحيلولة دون التصويت على تبني بند «القدرات النووية لاسرائيل» مجدداً. اما السفير الفلسطيني في فيينا والمراقب الدائم لدى الوكالة زهير الوزير فتمنى على أمانو لو التقى مسؤولين فلسطينيين، للاستماع إلى وجهة نظرهم حول التهديد الاسرائيلي للأمن الفلسطيني. وقال ل «الحياة» إن التقرير تضمن «نقاطاً عدة يجب التوقف عندها ودرسها، إضافة الى نواقص كان لا بد من المدير العام الإشارة إليها». وأعلن ان المجموعة العربية في الوكالة ستعقد اجتماعاً مصغراً الثلثاء المقبل، للتداول في التقرير وتنسيق المواقف.