حيّت ألمانيا «أبطالاً»، بعدما احتجز ثلاثة لاجئين سوريين، مواطناً لهم طاردته الشرطة لاشتباهها في سعيه إلى تنفيذ هجوم إرهابي، مستلهماً تفجيرات تنظيم «داعش»، وتسليمه إلى الشرطة. وقد يساهم ذلك في الحدّ من مشاعر مناهضة لحوالى مليون مهاجر استقبلتهم ألمانيا أخيراً، أجّجتها تنظيمات يمينية متطرفة رفضت سياسة «الأبواب المفتوحة» التي انتهجتها المستشارة أنغيلا مركل، وقلّصت للمرة الأولى شعبية حزبها المحافظ إلى أقلّ من 30 في المئة. واعتقلت الشرطة السوري جابر البكر (22 سنة) في مدينة لايبزغ الإثنين، بعدما دهمت شقته الجمعة الماضي في مدينة كيمنتس في ولاية ساكسن، إثر مراقبته أشهراً، ووجدت نحو 1.5 كيلوغرام من مواد شديدة الانفجار، مشابهة لمواد استُخدمت في تفجيرات باريس وبروكسيل. وأشار قائد شرطة مقاطعة ساكسن، يورغ مايكلس، إلى أن المتفجرات كانت «جاهزة تقريباً» للاستخدام، مرجّحاً أن البكر كان يحضّر «حزاماً ناسفاً يخفيه في سترة». وقال مدير جهاز الاستخبارات الداخلية هانس- يورغ ماسين، إن جهازه تلقّى معلومات في أيلول (سبتمبر) الماضي، تفيد بتخطيط «داعش» لشنّ «هجمات على بنية تحتية ومحطات (قطارات) ومطارات في أوروبا الغربية، وخصوصاً ألمانيا». وأضاف: «استغرقنا الأمر حتى الخميس من الأسبوع الماضي، لاكتشاف الشخص المكلّف تنفيذ الاعتداء». ولفت إلى أن الأمر بتوقيفه صدر الجمعة، بعدما اشترى غراءً لاصقاً ساخناً، «إذ اعتبرنا أنه المادة الكيماوية الأخيرة اللازمة لصنع قنبلة»، والتي «يستخدمها أفراد يريدون تنفيذ هجمات انتحارية». وذكر ماسين أن «معلومات استخباراتية» ترجّح ارتباط البكر ب «داعش»، مضيفاً أن «أجهزة استخبارات» أبلغت بلاده أنه «كان يريد مهاجمة قطارات في ألمانيا، قبل أن يتّضح» أنه سيستهدف مطاراً في برلين. وأوردت صحيفة «بيلد» الشعبية أن البكر نشر بعد وصوله إلى لايبزغ، خبراً كاذباً على صفحة على موقع «فايسبوك» يستخدمها لاجئون سوريون، أفاد بوصوله حديثاً إلى ألمانيا وحاجته الماسة إلى مكان للنوم، فاتصل به السوريون الثلاثة لمساعدته، وذهبوا إلى محطة قطارات ونقلوه إلى شقة أحدهم. ونقلت الصحيفة عن أحدهم، ويُدعى محمد أ.، أن السوريين انتبهوا لاحقاً إلى صورة للبكر وضعتها الشرطة على الصفحة ذاتها في «فايسبوك»، مع تعميم بالعربية بالبحث عنه. وفيما كان البكر نائماً مساء الأحد، ناقش السوريون الثلاثة مع مواطنين لهم عبر «فايسبوك»، هل أنه الفار الذي تبحث عنه الشرطة، ثم كبّلوه بشريط كهربائي، رافضين عرضه دفع ألف يورو و200 دولار لإطلاقه، كان يحتفظ بها في حقيبة ظهر، مع سكين. وبعدما عجزوا عن إفهام الشرطة هاتفياً، صوّره أحدهم وذهب في سيارة أجرة إلى أقرب مركز للشرطة التي سارعت إلى إرسال رجال أمن قبضوا عليه فيما كان سوري يحاول تثبيت المشبوه على الأرض أثناء محاولته فكّ قيوده. وقال محمد أ.: «أنا ممتنّ جداً لألمانيا التي استقبلتنا، ولا يمكن أن نسمح له بأن (يؤذي) الألمان». ووصل البكر إلى ألمانيا قبل سنة، وحصل على لجوء موقت. وأوردت وسائل إعلام أنه كان على اتصال ب»داعش» الذي درّبه على صنع متفجرات واستخدامها. وقالت ناطقة باسم الحكومة الألمانية إن مركل «شكرت» اللاجئين السوريين الذين ساهموا في اعتقال البكر، وتتجنّب السلطات كشف هوياتهم خشية تعرّضهم لانتقام. كما أعرب رئيس حكومة ولاية ساكسن ستانيسلاف تيليش، عن شكر عميق، فيما تحدث رئيس بلدية لايبزغ بوركهارد يونغ عن «نجاح ضخم ضد الإرهاب، يُظهر أن غالبية كبرى من الأجانب وطالبي اللجوء الذين يعيشون هنا، تنأى عن هذا النوع من التطرف الإسلامي».