كأنه تلخيص لحال البشر حاضراً أو قريباً! اصطدم خليوي «سامسونغ - غالاكسي نوت 7» الذي تصنعه شركة «سامسونغ» بمشكلة أساسيّة في الطاقة (البطارية). وتعددت كوارثه، من حوادث فردية إلى خشية الطائرات من اشتعال بطاريته ووقوع كوارث جماعيّة. وأوصلت كوارث لم تعرفها قبلاً هواتف «سامسونغ»، بل مجمل صناعة الخليوي، «غالاكسي نوت 7» إلى الاندثار، وهو مصير ربما يُهدد البشر ما لم تستقم علاقتهم مع الطاقة التي تلوث البيئة! وكان معنى الاندثار أن القرار بوقف إنتاجه، بعد سلسلة قرارات في شأن مبيعه وإتاحة المجال أمام إعادته للشركة. ولم يتردّد خبير في المعلوماتيّة، هو إدوارد سنايدر الذي يعمل في شركة مختصة في أسواق ال «هاي تيك»، في القول إن ما يحدث «قضى على العلامة التجاريّة ل «نوت 7»... وربما لن ينتج بعد ذلك أبداً». ربما شبح ستيف جوبز؟ جاء السقوط هائلاً، ربما بحجم الرهانات الضخمة التي عُقدت على ذلك الهاتف. إذ انطلق في آب (أغسطس) الماضي، مع حملة ضخمة صوّرته بأنه الحدّ الأقصى لتطوّر صناعة الخليوي. وتعبّر قصته أيضاً عن حكاية «سامسونغ» مع الخليوي. إذ بدأت تلك الشركة في إنتاج هواتف ذكيّة، بعد الصعود المذهل لهواتف «آي فون» التي أطلقها الراحل ستيف جوبز محدثاً نقلة كبرى في المعلوماتيّة والاتصالات، بل في مجمل صورة التواصل بين البشر. وإلى حدّ كبير، استند انتشار الهواتف الذكيّة عالميّاً إلى انتشار التطبيقات الرقميّة. في البداية، كانت التطبيقات محدودة نسبيّاً وحكراً على شركة «آبل». ثم فجّر «غوغل» تلك الصورة عبر نظام «آندرويد» المفتوح المصدر، فصار في إمكان الجميع صنع تطبيقات. وبذكاء استندت «سامسونغ» آنذاك إلى انتشار تطبيقات «آندرويد» لتصنع هواتفها المختلفة. وصعد نجم تلك الهواتف سريعاً، خصوصاً تلك التي تحمل علامة «غالاكسي» التي تميّزت بجمعها التصميم المدروس والعملي، مع التركيز على حاجات شريحة واسعة من المستخدمين. وترافق ذلك الصعود مع ظاهرة عالميّة تمثّلت في هجران الكومبيوتر لمصلحة الهاتف الذكي وال «تابلت». وعلى صهوة الاهتمام بالربط بين آليات عمل الهاتف الذكي وبين التطبيقات الرقميّة وتطوّراتها، صعدت «سامسونغ» لتصبح الأولى عالميّاً في إنتاج الهواتف الذكيّة، وتفوّقت على «آبل» التي عانت كثيراً بعد رحيل ستيف جوبز. كانت «سامسونغ»، على سبيل المثال، أول من صنع هاتفاً تعمل حافة شاشته كأنها شاشة مستقلّة، فتُظهِر التطبيقات عليها، فلا يضطر المستخدم ترك تطبيق يعمل عليه كي يستخدم آخر. وانعقد الرهان على قدرة «نوت 7» في توجيه ضربة استباقية إلى «آي فون 7+» الذي أطلق في أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد أسابيع قليلة من «نوت 7». في البداية، لقي «نوت 7» ترحيباً طيباً، بل أن الطلب عليه فاق الكميات المقدّمة إلى السوق، نظراً لخصائصه المتقدّمة في التعامل مع تطبيقات ال «ميلتي ميديا» والأجهزة التقنية التي تُرتدى كالساعة الرقمية و «فيت بت» وغيرها. ثم بدأت الأخبار عن اشتعال بطاريته تتوالى. وفي السادس من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، اشتعل «نوت 7» على طائرة ركاب أميركيّة، فأُجلي ركابها. وبيّنت الشركة أنها سحبت 2.5 مليون جهاز بسبب ذلك الخلل في البطارية. وفي 11 من الشهر عينه، تناقلت ال «سوشال ميديا» شريطاً يُظهر اشتعال هاتف في طائرة ركاب كوريّة جنوبيّة. وبسرعة، أعلنت «سامسونغ» أنها توقّفت عن إنتاج «غالاكسي نوت 7»، ما يهدد بدخوله في غياهب النسيان! وقبيل اقفال التداول في بورصة سيول أمس انخفض سعر سهم «سامسونغ» في سيول بنسبة 4.85 في المئة وفي المقابل سجل سهم «آبل» في بورصة وول ستريت ارتفاعاً بنسبة 1.74 في المئة ليصل الى 116.05 دولارا.