تتعقد معركة تحرير الموصل يوماً بعد يوم، وتختلف الأطراف الداخلية والخارجية على القوات التي ستضطلع بهذه المعركة، إذ ترفض تركيا مشاركة «الحشد الشعبي» فيها، وتصر على أن تكون قواتها المرابطة في سهل نينوى والميليشيات التي تدعمها، ويقودها المحافظ السابق أثيل النجيفي، في الطليعة، كي «لا تتغير التركيبة السكانية» للمدينة، فيما يعتبر رئيس الوزراء حيدر العبادي «الحشد» جزءاً من القوات الرسمية. ويؤكد أن وجود الجنود الأتراك في بعشيقة «لن يكون نزهة». وصعّدت بغداد موقفها فطلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لممارسة الضغط على تركيا لسحب قواتها من أراضيه، في خطوة ديبلوماسية عكست التوتر بين بغدادوأنقرة، فيما جدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إصرار بلاده على بقاء هذه القوات، وقال إن «رد فعل بغداد غير مبرر». وقال ديبلوماسيون في الأممالمتحدة إن السفير العراقي محمد الحكيم التقى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري السفير الروسي فيتالي تشوركين، مساء الأربعاء، ونقل إليه رسالة شفهية تؤكد ضرورة «تحمل المجلس مسؤولياته والضغط على تركيا لسحب قواتها واحترام سيادة العراق على أراضيه بشكل كامل». وأضافت أنه بحث الأمر نفسه مع السفير المصري عمرو أبو العطا الذي تمثل بلاده مجموعة الدول العربية، للتحرك نحو عقد جلسة مشاورات في هذا الشأن. وأوضحت أن تشوركين «وضع النقاط التي سمعها من الحكيم في ورقة من خمس نقاط ووزعها على بقية أعضاء المجلس» أمس، لإطلاعهم على حقيقة الموقف العراقي ومطالبة بغداد المجتمع الدولي بإلزام تركيا احترام واجباتها الدولية وسحب قواتها. ويعد طلب جلسة مشاورات مغلقة خطوة أولى في الإجراءات، تليها خطوات تصعيدية أخرى، منها الدعوة إلى عقد جلسة علنية يبدو أن العراق لم يصل إليها بعد، تجنباً للتصعيد الإعلامي والسياسي مع تركيا، على ما قالت مصادر ديبلوماسية. وكان العبادي أثار مسألة وجود القوات التركية في العراق خلال وجوده في نيويورك الشهر الماضي، لا سيما مع الرئيس باراك أوباما، طالباً دعم الولاياتالمتحدة لإخراجها من بلاده. وقال العبادي، خلال مؤتمر لهيئة التنسيق العليا للمحافظات: «لا يوجد مبرر لوجود الأتراك في العراق، فهذا أمر خطير، والحكومة لم تطلب هذه القوات أو أي قوات أجنبية». وأضاف أن «السيادة خط أحمر، وعلى تركيا احترام سيادتنا»، لافتاً إلى «أننا لا نريد الدخول في صراع مع تركيا لكن لا يظن الأتراك أن وجودهم في العراق نزهة». من جهة أخرى، حذر يلدريم من «الحرب الطائفية» في الموصل، بعد عملية تحريرها من «داعش»، مبدياً استغرابه رد فعل الحكومة العراقية «غير المفهوم». ودانت جامعة الدول العربية الوجود العسكري التركي شمال العراق، وقال محمود عفيفي الناطق باسم الأمين العام أحمد أبو الغيط، إنه «يتابع بقلق تطور الموقف المتأزم بين أنقرةوبغداد»، مذكراً بالقرارات الصادرة عن القمة العربية في نواكشوط والاجتماع الوزاري الأخير في 8 أيلول (سبتمبر) الماضي، معرباً عن أمله في «عدم تصعيد الأزمة». إلى ذلك، برر الناطق باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزيي موافقة الإقليم على «وجود القوات التركية في محافظة نينوى، بأنه جاء بعد موافقة وزير الدفاع والحكومة الاتحادية في بغداد». وأضاف أن تلك «القوات جاءت لتدريب الشرطة والمتطوعين من محافظة نينوى، وقدمت حكومة إقليم كردستان التسهيلات اللازمة لإنجاح هذه المهمة».